علن المجلس العسكري الانتقالي عن إحباط محاولة انقلاب عسكري، ولتأكيد النبأ بث التلفزيون الرسمي مقاطع من بيان مصوَّر مسجَّل يظهر فيه الفريق أول هاشم عبدالمطلب رئيس هيئة الأركان وهو يُلقي (البيان رقم واحد).. وطالت قائمة الاعتقالات ضباطا كبارا في مختلف أفرع الجيش على رأسهم قائد سلاح المدرعات اللواء نصر الدين عبد الفتاح، وقائد المنطقة المركزية بالخرطوم اللواء بحرالدين محمد بحر، وعددا من العسكريين إضافة لأسماء لامعة من قادة الحركة الإسلامية.
رقم قياسي يسجَّل لأول مرة في تاريخ الجيش السوداني الذي بلغ من العمر عتيا، خمسة انقلابات خلال أربعة أشهر نجح واحد منها في ١١ أبريل و٢٠١٩هو الذي أجهض ما تلاه من انقلابات.. فما معنى ذلك؟
قد لا يسمح الظرف الآن بوضع كل المعلومات أمام القارئ، لكن بالضرورة لن يفوت فطنته أنَّ توالي المحاولات الانقلابية –ما جدَّ منها وما هَزُل- يكشف أن في رحم الغيب مزيدًا منها، أشبه بفريق كرة قدم تتوالى(التسديدات) في مرماه تارة تعلو المرمى وأخرى تصطدم بالعارضة، بكل يقين إذا استمر الوضع هكذا فلن يُرفَع حاجب الدهشة إن اهتزت الشباك.
في مثل هذا المشهد ليس من الحكمة السؤال عن صاحب امتياز الانقلاب الجديد، أو المستفيد الأول بل الأجدر السؤال، لمَ تنطلق من منصة الجيش كل هذا العدد من الانقلابات ضد حكمٍ لا يزال في يد الجيش؟ لماذا يصر العسكريون أن ينقلبوا على أنفسهم؟
الإجابة في المقاطع التي لم تذَع أو تنشَر من بيان الفريق أول هاشم عبد المطلب..
الوطن في خطر كبير، لا يكفي أن تفشل الانقلابات العسكرية، بل أن تنتفي الحاجة إليها أو التفكير فيها.. لكن كما أن “المال السايب يعلم السرقة” فإن “البلد السايب يعلم الانقلابات”.. بلد مرت عليه من الشهور الآن مثل التي احتاجها ليقتلع نظام المخلوع البشير، ويفشل الآن في أربعة أشهر أخرى- أن يشكِّل حكومة أو حتى مجلس رئاسي لإدارة البلاد.. أمرٌ لا يصدِّقه أحد..
لن يكون الانقلاب الخامس هو الأخير، ففي خاطر أي مغامر، حلمُ الجاه الرئاسي لا يثنيه إلا أن يكون الوضع مستقرا يحول الحلم إلى كابوس.
الوضع لا يحتمل.. الوطن في حاجة لرجل رشيد..