يعد الانقلاب الأخير الذي تم اعلان احباطه الثلاثاء 21 سبتمبر الجاري هو الخامس ان صحت احصاءاتي، ففي 18 مايو 2019 اعلنت قيادة الجيش عن افشال محاولة انقلابية، قيل أنها دبرت بواسطة ضباط تمت إحالتهم إلى التقاعد من الجيش والشرطة بعد نجاح الثورة السودانية، وجاء ذلك الإعلان في أعقاب تعليق المجلس العسكري حينها مباحثاته مع قوى الحرية والتغيير بعد عملية إطلاق نار استهدفت الثوار المعتصمين في محيط القيادة العامة للجيش، وفي 12 يونيو 2019، أعلنت المؤسسة العسكرية عن إحباط محاولة انقلابية نسبتها لمجموعة من الضباط الإسلاميين الموالين للرئيس المخلوع عمر البشير، وأعلنت عن القبض على 68 ضابطا، وفي 12 يوليو 2019 أعلنت أيضا عن إحباط مخطط انقلابي عشية الاتفاق بين العسكر وقوى الحرية والتغيير على مرحلة انتقالية لإنهاء الأزمة، ولم تفصح المؤسسة العسكرية وقتها عن توقيت هذا الانقلاب المفترض كما لم تكشف هوية مدبريه، كما تم الاعلان في24 يوليو 2019 عن كشف انقلاب يقوده رئيس أركان الجيش الفريق أول هاشم عبد المطلب، بحسب ما أعلنه الجيش السوداني، وجرى على إثره اعتقال عدد من ضباط القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، وأعلن الجيش السوداني أن هذه المحاولة هدفت إلى إعادة نظام البشير، وفي الحادي عشر من سبتمبر الجاري (أي قبل نحو عشرة أيام) من الانقلاب الأخير، راج تداول واسع بمواقع التواصل الاجتماعي عن كشف الجيش لمحاولة انقلابية يخطط لها ضباط نظاميون، الا ان الجيش نفى هذا الخبر واعتبره مجرد فبركة، بل مضى الجيش الى تأكيد حرصه على استكمال التغيير وبلوغ الثورة السودانية لغاياتها المجيدة..
بهذا التوالي والتتابع للانقلابات الفاشلة وبهذا الكم الكبير من المعلن منها في حيز زمني ضيق، يكون السودان قد استحق مسمى (سلة انقلابات العالم الفالصو)، فأن تقع حوالي خمس انقلابات خلال عامين فقط مابين عامي 2019 و2021، فلاشك ان هذه (الوفرة) في الانقلابات تجعل الناس ينقسمون حولها مابين مصدق ومشكك، بعض الآراء ذهبت إلى إمكانية صحة أخبار المحاولات الانقلابية المضبوطة، أما الأغلبية الساحقة من الجماهير فقد ظلت تتلقى أخبار هذه الانقلابات ليس بالتشكيك في حقيقتها فحسب، وإنما تقابلها أيضا بموجة من التهكم والسخرية، وما يعزز ما ذهب اليه المشككون أن ولا واحد من كل هذه الانقلابات المذكورة قدم مدبروه للمحاكمة، رغم التصريح بالقاء القبض عليهم والتحقيق معهم، بل أن بعض التسريبات تحدثت عن اطلاق سراحهم لعدم كفاية الأدلة (فتعجبوا)..بعد كل هذه الحيثيات التي ترجح كفة المشككين في صحة هذه الانقلابات، فمع كل انقلاب بما فيها هذا الأخير لم يشهد الناس أي مظهر يدل ان البلد تعرضت لمحاولة انقلابية، حيث لم تنشر تعزيزات عسكرية في الشوارع الرئيسية والجسور، ولم تنشر تعزيزات عسكرية إضافية في المواقع الاستراتيجية مثل القصر الرئاسي، ومقر مجلس الوزراء، والقيادة العامة للقوات المسلحة، كما ان طلاب المدارس والجامعات توجهوا إلى مؤسساتهم التعليمية بشكل معتاد، وامتلأت الشوارع بحركة الراكبة والسابلة والكل متوجه الى مقر عمله، بل ان قياديي الجيش والدعم السريع البرهان وحميدتي زارا معقل الانقلاب بعد لحظات من اعلان احباطه، ولهذا لابد من احاطة الرأي العام بالحقائق الكاملة وكل تفاصيل الانقلاب الأخير المعلن، و(الاربعة السابقات ما بيناتنا)، ولابد كذلك من تقديم المتورطين في الانقلاب لمحاكمة علنية ومذاعة على الملأ، والا فلن يكون هذا الانقلاب سوى حلقة أخرى من مسلسل ستتابع حلقاته..