صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الإمام: فلنتوضأ استعداداً.. للصلاة في جماعة!

10

تحليل سياسي

محمد لطيف

الإمام: فلنتوضأ استعداداً.. للصلاة في جماعة!

‏‏‏‏
الإمام هو الإمام.. لا تغيره الظروف.. ولا تبدله المحن.. ولا تهزمه البلايا.. نختلف معه.. ثم نعود متفهمين.. نغضب منه.. ثم نعود راضين.. نيأس منه.. ثم نعود آملين.. يكفي الإمام أن يبقى مستودعاً للقيم الوطنية.. يكفي الإمام أن يظل ملهماً للأفكار.. منتجاً لها.. مبدعاً في صياغتها.. لا من باب التزيد اللغوي.. أو الترف الذهني.. بل من باب تغليف مر الدواء بمسحوق السكر.. ليعين السقيم على تذوقه.. ولا نحن ولا أنتم من سيحدد ماذا قدم الإمام لوطنه.. وماذا يمكن أن يقدم.. التاريخ من سيفعل ذلك.. أما أنا فمن المراهنين في قدرته على فعل الكثير..!
كنت ولا زلت من المؤمنين بنظرية الإمام.. التي عنوانها العريض.. الجهاد المدني.. والتي من عناوينها الفرعية.. الانتقال من مربع الحرب إلى مربع السلام.. كوسيلة وحيدة للخروج بالبلاد من مأزقها السياسي.. حين كان الإمام يتنقل من الفجر الجديد إلى إعلان باريس إلى نداء السودان.. ومن أديس إلى باريس إلى برلين الخ.. كنت موقناً أن الرجل لا يبحث عن مغانم شخصية أو حزبية.. بل يبحث عن مغنم للوطن كله.. وأنه لا يبحث عن سلامة شخصية.. بل سلام للوطن واستقراره.. وهو هناك يبشر بالانتقال من مربع الحرب إلى مربع السلام.. والقوم هنا يلاحقونه بالبلاغات والإجراءات والإدانات.. كنت أنا هنا في الخرطوم أدافع عنه ملء صوتي.. مؤكداً أن الرجل عصي التأثر السالب.. وعصي على التجييش في خانة الحرب.. وأنه هو الذي يؤثر في الآخرين.. ويهز قناعاتهم هزاً.. بجدوى السلام.. أو بالأحرى.. جدوى الحل السلمي المتفاوض حوله المتفق عليه.. كسبيل وحيد لاستقرار السودان.. ولا يرفض هذا إلا أصحاب المصالح الضيقة من لوردات الحرب وجنرالاتها.. وكنت ولا زلت على يقين أنه في نهاية المطاف.. لن يذهب الإمام متمنطقاً خنجره إلى ميدان القتال.. بل أن عرمان وجبريل ومني وآخرين من دونهم.. سينتقلون إلى مربع السلام.. بقناعاتهم التي ساهم الإمام في تشكيلها.. هل كنت مخطئاً..؟ لا أظن ذلك.. وإلا فكيف تقرأون موقف الأستاذ ياسر عرمان الذي تصدى للمعترضين على عودة الإمام.. بقوله إن الرجل إنما يذهب بحثاً عن السلام.. وإن العودة مشروعة طالما كانت في سبيل الوطن.. لا في سبيل الوطني..!
وقد يسأل سائل عن الجديد في عودة الإمام المقبلة.. غير تاريخ التاسع عشر من ديسمبر..؟ كان هذا تحديداً هو سؤالي للإمام صباح الأمس وأنا أتحدث إليه في لندن.. وكالعادة كان للإمام الجديد الذي يتحفني ويتحفكم به.. قال لي الإمام فلنتوضأ..! بدا لي أنني لم أسمعه جيداً.. فأعاد على مسامعي بوضوح شديد.. علينا جميعاً أن نتوضأ للاستعداد للاصطفاف للصلاة في جماعة.. ولم يكن الإمام في حاجة ليشرح لي أن الوضوء ينظف دنس الجسد ويمسح سخائم النفس ويزيل رجس الروح.. وأن الوضوء إنما يعني التطهر.. والتهيؤ لحالة من الزهد والتوجه الخالص إلى الله.. والمخلص لله لن يخون أمته والوطن.. وأن الصلاة في جماعة إنما تعني التعاضد والتكاتف والتلاحم والتوحد.. والاحترام المتبادل.. وإعلاء قيمة الإنسان لدى أخيه الإنسان.. والشركاء في صف الصلاة خاشعون صادقون.. ما أيسر أن يكونوا شركاء في الوطن.. فهل أنتم متوضئون..?!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد