صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الإثنين الدامى !!

22

مناظير

زهير السراج

الإثنين الدامى !!

* يستطيع اى شخص بنصف عقل ان يتوصل منذ الوهلة الأولى إلى أن القوات التابعة للمجلس العسكرى الانتقالى، وبالتحديد قوات الدعم السريع، هى من ارتكب جريمة الإثنين الدامى التى حاول المجلس العسكرى أن يلصقها ــ بسذاجة أسوأ ما فيها أن تحاول إستغباء الشعب بنفس الطريقة التى كان يفعلها النظام المخلوع ــ في من اسماهم بمندسين يرتدون زى القوات النظامية، بينما كانت كل المعطيات على الساحة قبل وأثناء وبعد إرتكاب الجريمة تشير الى مرتكبها بوضوح شديد !!

* دعونى ابدأ اولاً بحديث مدير الإستخبارات العسكرية الذى قال إن أشخاصا يرتدون زى القوات النظامية شوهدوا يطلقون الرصاص من فوق كبرى النيل الأزرق على المعتصمين بشارع النيل .. المعروف ان قوات الدعم السريع كانت في ذلك الوقت ومنذ صباح يوم الإثنين قد أغلقت الكبرى من جهتى الخرطوم والخرطوم بحرى ومنعت مرور المشاة وسيطرت عليه بشكل كامل، فكيف إستطاع المندسون التسلل إليه واتخذوه قاعدة لاطلاق الرصاص على المعتصمين بشارع النيل؟!

* ثانيا، استمر اطلاق الرصاص بكثافة على مدى ساعة ونصف على مرمى ومسمع من القوات النظامية التى كانت تطوّق المكان وتنتشر في كل شبر، فلماذا لم تتحرك لحماية المواطنين وتصد المعتدين وتطاردهم وتحاول القبض عليهم، قبل ان يخرج علينا المجلس العسكرى لاحقا ليلقى بالتهمة على (جهة مجهولة تحاول تعكير المفاوضات وجر البلاد الى مستنقع من الفوضى)، بدون أن يعلن القبض ولو على شخص واحد فقط وينشر اسمه وصورته والجهة التى ينتمى إليها على وسائل الإعلام، وإتخاذ الاجراءات اللازمة لتقديمه الى العدالة وملاحقة الآخرين !!

* ثالثا، لاحظ الكل تغير معاملة قوات الدعم السريع والشرطة للمواطنين في الايام الاخيرة والتى شملت الاهانة والضرب بالعصى والهراوات والسيطان وحلق الشعر في بعض الاماكن والاسواق، واطلاق الغاز المسيل للدموع واستخدام العنف المفرط لفض التجمعات وفتح المعابر، بل وصل سوء المعاملة الى درجة منع وصول الثلج ومواد الافطار للصائمين المعتصمين في ميدان القيادة، مما كان ينبئ بحدوث ما هو اسوأ، رغم السلمية الكبيرة للمعتصمين في التعامل مع هذه الانتهاكات الكبيرة!!

* رابعا، البيان الإستفزازى الذى أصدره المجلس العسكرى امسية يوم الاحد الماضى (مهددا المعتصمين بعدم التمدد خارج منطقة الاعتصام بالقيادة، وإلا سيعتبره نوعا من الفوضى ويتعامل معه بالحسم اللازم)، وقصد المجلس بهذا البيان تحذير المعتصمين من اغلاق شارع النيل (بالتحديد)، وبعض الشوارع الأخرى المؤدية لساحة الاعتصام امام القيادة العامة للجيش!!

* كل ذلك يؤكد ان القوات النظامية وعلى الأخص قوات الدعم السريع، هى من اعتدى على المعتصمين أمسية الإثنين الدامى، وليس جهة اخرى حاول المجلس العسكرى أن يلقى عليها باللوم لتبرئة نفسه وقواته ومحاولة التحلل من المسؤولية، التى لا يمكنه ان يتحلل منها حتى ولو كان المعتدى بالفعل طرف ثالث مجهول الهوية، ويجب عليه تكوين لجنة قضائية مستقلة للتحقيق في هذه الجريمة وتوضيح كافة الحقائق للرأى العام، وتقديم المتورطين للعدالة، بدون تأخير!!

* أكثر ما يزعج في السيناريو الذى خرج به المجلس العسكرى على المواطنين لتبرير الجريمة، هو ممارسة الكذب والتضليل على الناس، والمحاولة الساذجة لتصوير المواطنين على انهم أغبياء يصدقون كل ما يُقال لهم، وهو نفس ما ظل يفعله النظام المخلوع طيلة عهده البائد، فهل يظن المجلس العسكرى أننا بالفعل أغبياء الى هذه الدرجة، ولا نستاهل أن يشحذ عقله بعض الشئ ليخرج علينا برواية اقل سذاجة؟!

* صحيح أن فلول النظام المخلوع يتربصون بالثورة، وينتهزون الفرصة المناسبة لجر البلاد الى الفوضى ــ وهى أيضا مسؤولية المجلس إذا حدث ذلك بسبب الليونة الشديدة التى ظل يتعامل بها مع النظام المخلوع ــ ولكن ما زال الفلول في حالة ترقب وانتظار الآن لما ستسفر عنه الأوضاع قبل تحديد الاسلوب الذى يلجؤون إليه لاحقا بناءً على تطورات الاحداث وموقفهم في المشهد السياسى ، ولا يمكن ان يكونوا بالغباء الذى صورهم به المجلس في بيانه وسعيهم للانتحار قبل ان تتضح لهم الرؤية، أم أنه يمهد لسيناريو جديد يحقق احلام وامنيات القوى الأجنبية التى تجتهد لمنع انتقال الحكم الى المدنيين؟!!

* جريمة الأثنين الدامى يُسأل عنها المجلس العسكرى بكل تفاصيلها ونتائجها وتداعياتها .. ولا مهرب له منها، وهى إن دلت على شئ، فإنما تدل على انه وصل الى مرحلة من الارتباك والتخبط وعدم وضوح الرؤية بما يحتم عليه التنحى عن السلطة اليوم قبل الغد فينال احترام الجميع، قبل ان يجد نفسه مضطرا للخروج تشيعه الاتهامات واللعنات !!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد