صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

الأنا !!

9

بالمنطق

صلاح الدين عووضة

الأنا !!

*كثر ترديدنا لهذه المفردة..
*هي وشقيقتها (الآخر)….. في غالب الكتابات النقدية..
*فما من نص نقدي يخلو – تقريباً – من عبارة (الأنا… في مواجهة الآخر)..
*ولا غرابة في ذلك إن نظرنا إلى (الأنا) بدواخلنا..
*فسوف نجد أنها تستسهل محاكاة (الآخر)… في كل الذي تحسد عليه الآخر هذا..
*تحسده أولاً… ثم تغار منه……. ثم تشرع في تقليده..
*فالحسد – كالمحاكاة – ظاهرة سودانية تفوق بنسب متفاوتة ما لدى شعوب أخرى..
*وقد أشرت إليها – مرةً – مثلما فعل العلامة عبد الـله الطيب..
*وإن كانت إشارتي من زاوية المعايشة فإن حديث الراحل تم من زاوية تاريخية..
*قال إن أشد قبائل العرب حسداً هي التي هاجرت إلى بلادنا..
*ثم تطبع بطبائعها من صاهروها منا، وانداح التأثير..
*وقبل فترة أشار إلى هذه الظاهرة أيضاً زميلنا زهير السراج، في مقال طويل..
*وهي – إلى جانب ظواهر أخرى – تفسر أسباب (حالنا) الآن..
*فحين تغلب الطبائع السالبة على الإيجابية تتباطأ مسيرة النمو… في كل شيء..
*في السياسة… في التنمية… في السلوك… وحتى في الرياضة..
*ولابد من نقد صادق لـ الأنا الجمعي إن كنا ننشد نُقلة حضارية لأنفسنا… وبلادنا..
*وربما كانت الأنا التي تخصنا أقرب إلى التفسير الفرويدي..
*ومن ثم فهذا يفسر جانباً من عللنا التي أتحدث عنها… من منطلق نفساني بحت..
*ومعروفة نظرية فرويد عن الـ(Ego)….والـ(Id)..
*والتاريخ الذي لا يكذب – ولا يتجمل – يثبت بعضاً من صحة كلامنا هذا..
*فبلادنا سارت أولى خطوات التحضر إبان حقبة التركية..
*وعرفت لأول مرة الديوانية… والإنشاءات… والتخطيط… والتنمية… والبنى التحتية..
*وما قبل ذلك كانت حقب من سيادة الأنا العشوائية..
*ومع هذه العشوائية ميل إلى العنف… والحسد… والأنانية… وحب الشهوات..
*شهوات السلطة… والبطن…والفرج، وراجعوا كتابات الرحالة..

*فجميعهم بلا استثناء – قديماً وحديثاً – أفاضوا في الحديث عن هذه الطبائع..
*ثم توقفت مسيرة التحضر فور سيطرة المهدية على البلاد..
*وكانت الأنا الأنانية – ذات القسوة – هي الصفة الغالبة في مناحي الحياة كافة..
*وظلت العاصمة – طوال تلكم الحقبة – محض قرية بدائية..
*ثم تواصلت مسيرة التحضر ما إن جاء كتشنر..
*وكانت البداية بالسكة الحديد… ثم مباني الدولة… ثم تعبيد الطرق… ثم كلية جامعية..
*ومنذ الاستقلال – وإلى الآن – ظلت خطوات تحضرنا تتعثر..
*وازدادت تعثراً خلال سنوات الإنقاذ المديدة… لغلبة الأنا في أبشع تجلياتها..
*الأنا ذات الشبق لكل ما هو (أدنى)..
*وذلك وفقاً لخارطة الرسم البياني القيمي… ولا نقول الديني..
*فالدين هذا محض غطاءٍ لأفعال تدمر (الآخر)، شعباً… أو دولة… أو أخلاقاً..
*وفضلاً عن هذا فهي مسمومة بكل سموم الحسد… والحقد..
*فكانت النتيجة أن دُمر السودان – بأخلاقه – تدميراً شبه كامل..
*بينما دولٌ نالت استقلالها معنا – أو بعدنا – تجاوزتنا بمراحل في سكة الحضارة..
*وبقينا نحن في محطة الانتصار لـ(الأنا) على حساب (الآخر)..
*فليت جدل الأنا – والآخر – هذا في نقدنا الأدبي يتحول إلى جدل نقد ذاتي لأنفسنا..
*لك أنت… وهو… وهي……. والآخر..
*و…… أنا !!.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد