وهذه الكلمة كانت قبل السقوط..*أيام كانت تظاهرات ديسمبر- وما بعدها – تواجه برصاص قوات البشير الحي..*وكان الهدف منها أن (يفهم).. قبل فوات الأوان..*ولكن يبدو أن الطغاة جميعهم من (طينة) واحدة، لا يفهمون.. ولا يتعظون..*أو يفهمون في الزمن الضائع، مثل كبيرهم فرعون.. *كتبت مستهلاً كلمتي تلك بمشهد متظاهر عراقي يرفع لافتة بارزة.. وقتذاك..*واللافتة كتب عليها (لا أريد حكومة تسرقني)..*فقد اعترف مسؤولون عراقيون كبار بتفشي رذيلتي الفساد.. والسرقة..*وإنهما وراء الضائقة التي يعانيها شعب العراق الآن..*والتظاهرات الحالية – بمختلف مدن العراق – بمثابة تحذير للحكومة..* فإما أن تتوقف السرقة.. وينصلح الحال..*وإما أن تستمر غضبة الجماهير إلى حين سقوطها..*ولكن ما يُحمد لهذه الحكومة عدم لجوئها إلى العنف.. والقوة.. والذخيرة الحية..*ومن قبل، متظاهر مصري يمسك بلافتة.. وهو على الأرض..*فقد تعب من وقوف أيام متواليات رافعاً خلالها اللافتة ذاتها..*وما كُتب عليها (استقيل يعني أمشِ…أمكن ما بفهمشِ)، والمخاطب حسني مبارك..*ولخصت تحذيراً شعبياً للنظام، إما الاستقالة.. وإما المواصلة..*وكعادة الحكام الذين (يقعدون ولا يقومون) لم يفهم مبارك بسهولة..*ولكن ما يُحمد له – على أية حال – التقليل من القوة المفرطة.. والرصاص الحي..*وما يُحمد له أكثر إنه (مشى).. ومشى معه نظامه..*ومن قبل ذلك، متظاهر تونسي رفع لافتة كتب عليها (كفاية….أفهمنا)..*ولم يفهم زين العابدين إلا بعد أن صاح فيه الجيش (نعم…أفهم)..*فقال قولته الشهيرة (الآن فهمتكم).. ووعد بالإصلاح..*وما درى أن الفهم المقصود إنه لم يعد مرغوباً فيه كرئيس.. وعليه أن يذهب..*فذهب مع أقل قدر من القسوة.. والجبخانة الحية..*فالحاكم المسؤول-وإن كان متجبراً- هو الذي لا يُحدث مجزرة وسط شعبه..*فالشعب يسجل.. والتاريخ يسجل.. والدين يسجل..*ومن يسفك دماءً بريئةً فسوف يُكتب عند الناس.. والتاريخ.. والـله (سفاحاً).. *والآن متظاهرو إيران يرفعون لافتاتٍ.. لا عد لها ولا حصر..*وكلها تدعو إلى الصرف على الشعب، لا على الأسد.. والحوثي.. وحزب الـله..*فتبديد موارد الدولة-على أي نحو- أمر يغضب الشعوب..*فساداً كان.. أم نهباً.. أم بذخاً حكومياً.. أم دعماً خارجياً على حساب الداخل..*وثمة شعوب تُحرم حتى من فرص التظاهر.. ورفع اللافتات..*وهي التي تُقمع بالعنف.. والسحل.. والرصاص الحي..*ولكن السماء تتكفل-في هذه الحالة- بمهمة التحذير.. والوعيد.. ورفع اللافتات..*فرب العزة الذي حرم الظلم على نفسه جعله بيننا محرماً..*وهو يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، إن لم (يفهم) إشارات السماء..*ومن هذه الإشارات ما يفهمه المعنيون خطأً..*كقوله (فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أُوتوا أخذناهم بغتة)..*بمعنى أنهم يتنعمون وحدهم.. ويحسبون ذلك (بركات)..*وفرعون قبل أن يُؤخذ حُذِّر تحذيراً أخيراً.. من بعد تحذيرات، وأيضاً لم يفهم..*وما أكثر الذين لا يفهمون تحذيرات السماء المتعاقبة..*سيما الواضح منها.. والأخير، والبشير- للأسف- لم يفهم حتى الأخير هذا..*رغم إنه كان أوضح من قصره.. وأقوى من رقصه..*بل لعله ضحك من كلمتنا هذه- وفيها وعليها- حتى بانت فجوة سنه المكسورة..*ولكنه حتماً الآن فهم !!.