صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

اعلان الطوارئلدواعي استثنائية ……أم حلول سياسية عصية

25


تقرير / نجدة بشارة
أعلن الرئيس عمر البشير، عن حالة الطوارئ في كافة انحاء السودان لمدة
عام، كفرض لأحكام استثنائية (تُهدد الأمن العام ) ومحاولة لأيقاف المد
الجماهيري بالشارع على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ مايقارب
الشهرين ،وتضاربت الأراء حول ماقد يسفر عنه الأعلان واستمراره لمدة عام
كامل يوافق نهايته شهر فبراير من العام 2020 م ،ويفصله شهر فقط عن
الأنتخابات المزمع اجرائها ابريل من ذات العام .
دواعي الأعلان …

يلاحظ ان القرار وجد تباين في ردود الأفعال بين الأستحسان لجهة الأزمة
السياسية والامنية التي تعيشها البلاد والتي ادت الى ازهاق ارواح كثيرين
وتخريب لمنشأت عامة على خلفية الاحتجاجات وبين الرفض من قبل بعض ألأوساط
المعارضة بأعتباران أعلان الطوارئى أعتراف صريح من قبل الحكومة بالعجز
عن أيجاد الحلول السياسية وبالتالي وسيلة في يد الحكومة للتضييق على
الحريات العامة والحقوق. الأان المتابع للاحداث يستشف بأن حالة الطوارئ
سبق واعلن رئيس الجمهورية عنها بعدد من الولايات كالقضارف ، ونهر النيل
، مع بداية الأحتجاجات وكسلا وشمال كردفان سابقا
وطبقاً لمصادر فالراجح أن القرار لن يصحب تطبيقه أي من اشتراطات حالات
الطوارئي لتي تتم لأسباب أمنية معقدة أو عسكرية حيث التشدد فى معابر
الدخول والخروج من المناطق الحدودية كما قد لا يتم فرض حظر التجول الليلي
ولا أي من اشتراطات الطوارئى العسكرية، وغير ذلك فالقرار موجهة لتهدئة
حراك الشارع ولكن يبرز سؤال بأنه هل يمكن تحقيق برنامج للإصلاح السياسي
والديمقراطي في ظل استمرار فرض حالة الطوارئ ؟
يرى المحلل السياسي د. الحاج محمد خير في حديثه (للصيحة ) ان الحكومة
أتخذت المنحى الأمني في المواجهة بينها والمعارضة منذ أندلاع الأحتجاجات
الأمنية ومازالت تتخذ ذات الجانب رغم ترك رئيس الجمهورية الباب مفتوح
امام الحوار مع الرافضين والممانعين ، وهذا دليل على ان الحلول السياسية
اصبحت عصية …وقال لأن النظم الديمقراطية تعد الاحتجاجات الشعبية مطالب
مشروعة لاتستدعى التدخل الأمني كمايحدث الأن بفرنسا ،ويرى ان هنالك فجوة
سياسية بين مؤسسة الرئاسة والحزب الحاكم تطلب شغلها بالقرب الأمني ،وذهب
الى ان حالة الطوارئ ترتبط دائما بحالة التهديد الأمني القومي ولابد ان
يعرض للبرلمان ، وبالتالي فأن تحديد فترة الطوارئ لعام اجراء غير صحيح
نسبة لاهمية اجازتة من قبل البرلمان
الصلاحيات…

يُعطي إعلان حالة الطوارئ الحكومة صلاحيات واسعة في تفويض الأجهزة
الأمنية لمواجهة الأوضاع الطارئة، وذهب مراقبون الى ترجيح إعلانُ حالة
الطوارئ في هذا التوقيت لمنح صلاحيات استثنائية للسلطات الإدارية، خاصة
الشرطة التي تُخولها حالة الطوارئ ضبط بعض الحريات والحقوق الأساسية
الفردية والجماعية، كالحق في التنقل وحرية الصحافة . ومنع التجمعات وغلق
مرافق عمومية اووضع أشخاص رهن الاقامة الجبرية إذا قدَّرت أنَّ حريته
ربما تُخلُّ بالأمن العام

حالة دستورية ..
يرى عضؤ اللجنة التشريعية بالبرلمان د.الفاضل حاج سليمان في حديثه
(للصيحة ) بأن حالة الطوارئي المعلنه من قبل رئيس الجمهورية لم تصبح حالة
دستورية حتى الأن ،وقال انه بموجب أعلان رئيس الجمهورية ينبغي استدعاء
البرلمان لأنعقاد جلسة طارئة في فترة اقصاها شهر من تأريخ الأعلان فيما
يعتبر الأعلان لاغي دستوريا اذا لم يعرض على البرلمان خلال فترة زمنية
اقصاها شهر للنظر في الحالة وما اذا كانت تستدعي الموافقة عليها ام لا
….وبالتالي تحديد الفترة المناسبة لاستمرار الأعلان
وذهب د. الفاضل الى ان المادة (224) من الدستور تتحدث عن أعلان حالة
الطوارئي في وجود حالة استثنأئية وظروف غير اعتيادية بالدولة ، وقال ان
الدستور فصل النصوص ووضع الأحتياط لهذه المسائل حتى لأتستغل سياسيا بأن
نص على افتراض اعلان حالة الطوارئي والهيئة التشريعية في حالة أنعقاد
،والنص بأن اذا كانت الهيئة في حالة أنعقاد يحق لرئيس الجمهورية أعلان
حالة الطوارئي في اي جزء من البلاد وللمدى الزمني الذي يحدده ، على ان
يودع هذا الاعلان لدى الهيئة التشريعية القومية خلال (15) يوم من الأعلان
، اما اذا لم تكن في حالة أنعقاد كما يجرى الأن يحق للرئيس بموجب النص
الدستوري ان يعلن حالة الطوارئي في اي جزء من البلاد شريطة ان تدعى
الهيئة لدورة أنعقاد طارئة ، وفي الراهن اعتقد ان الهيئة ستدعى الى جلسة
أنعقاد خلال الايام القادمة ، وسيسري الأعلان بالدولة حتى شهر من تاريخ
أعلانه ويستمر اذا وافق عليه البرلمان .

مطب الأنتخابات ..
أعلان الطوارئي اعلن ان اجله لمدة عام ينتهي قبل شهر من ميعاد اجراء
الأنتخابات ، وحسب محللون فأن استمرار الطوارئ لمدة عام ستجهض العملية
الديمقراطية التي ظل المؤتمر الوطني يلوح بها في خطابة ان الطريق الى
الحكم يجب ان يمر عبر صناديق الأقتراع ولما كان الطوارئ يعني ظروف غير
عادية فبالتالي تصبح امر قيام الأنتخابات برمتة غير وارد في توقيتة مما
يشيء بتأجيل للانتخابات او استمرار صلاحيات رئيس الجمهورية الحالي ، وحسب
د. الفاضل فأن الانتخابات من الناحية الدستورية ينبغي ان تقام في حالات
طبيعية للبلاد ، اما وفقا للمعطيات الجديدة فأن استمرار قانون الطوارئ
لمدة عام يعني ان الأجواء السياسية غير مهياءة لاجراء أنتخابات ، الاانه
عاد واكد بأن حالة الطوارئ كون انها اعلنت لمدة عام هذا لايعني ان
لاتنتهي خلال فترة قد تطول او تقصر بزوال الظروف الامنية ، اما اذا استمر
لمدة عام سيصبح والضع الدستوري متعارض مع قيام الأنتخابات وتتطلب النظر
في امر قيامها

ضوابط وموانع …
حالة الطوارئ تتيح حرية واسعة للسلطة التنفيذية، في عدم التقييد
بالأحوال المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية للقبض على المتهمين،
إذ يجوز القبض في الحال على المخالفين للأوامر التي تصدر طبقاً لأحكام
قانون الطوارئ والجرائم المحددة في هذه الأوامر، وذلك بالمخالفة لأحكام
الدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ويرى مراقبون بأن
قانون الطوارئ قد يؤدي لأانتهاكاً جسيمة وفقا للمعايير الدستورية
والدولية الخاصة بالفصل بين السلطات وبموجبه قد تنشأ محاكم استثنائية
للنظر في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس
الجمهوري
فيما تناول القانون الدولي حالة الطوارئ من خلال العهد الدولي للحالة
المدنية والسياسية، الصادر عام 1966، إذ حدَّد الشرط الأساس لفرض حالة
الطوارئ في وجود خطر عام يهدد وجود الأمة، على أن يتم إعلان حالة
الطوارئ بشكلٍ رسمي وذلك منعا لشيوعِ الممارسات الضارة بالحريات في أوقات
ليس لها طابع الاستثناء
ونص العهد الدولي للحقوق المدنية والحريات على ألا تكون التدابير المتخذة
متعارضة مع التزامات الدولة المعنية بموجب القانون الدولي، كما حذَّر من
أن تأخذ إجراءات الطوارئ نزعة تميزية قائمة على العرق أو اللون أو الجنس
أو اللغة أو الدين.
يحذر العهد الدولي للحريات المدنية والسياسية كذلك من أن حالة الطوارئ
يجب أن تُعلن في ضوءِ تقدير دقيق وموضوعي للأحداث بحيث تُناسب التدابير
المتخذة الوضعية القائمة دون مبالغة.
وفي مستوى آخر منه، يُشدد العهد الدولي على أن حالة الطوارئ يجب ألا
تكون، في أي حال من الأحوال، ذريعة لحرمان الأفراد من حقوقهم الأساسية
مثل الحق في الحياة، والحق في التفكير والاعتقاد، كما يجب ألا تكون ذريعة
لترخيص الممارسات غير الإنسانية أو الحاطة بالكرامة الإنسانية أو التعذيب
أو العبودية والاضطهاد.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد