كنتُ أتوقع أن تبدأ حكومة الدكتور “عبدالله حمدوك” عملها باستنفار الشعب السوداني ، في الداخل والخارج ، للمساهمة في معالجة بعض جوانب الأزمة الاقتصادية ، خصوصاً في ما يتعلق بتوفير السيولة في المصارف من الجنيه السوداني ، وضخ كميات من النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي أو عبر حساب في بنك السودان يخصص لهذا الغرض .
لكن الحكومة أعلنت أنها تعمل على سياسة خارجية متوازنة تنأى بالسودان عن المحاور ، وفي ذات الوقت لم تتوجه لمخاطبة الشعب السوداني وتدعوه للمشاركة في ثورة على مسار مختلف ، تحت عنوان (عشرة جنيه الكرامة) أو (دولار الثورة) !
كان وما يزال مطلوباً من السيد رئيس الوزراء أن يخاطب الشعب داعياً إياه لإعادة الثقة في الجهاز المصرفي ، بتوريد كل السيولة المحفوظة في الشركات والبيوت و(تحت الأرض) في البنوك خلال أسبوع .
لو أن قوى الحرية والتغيير تفهمت معنى الانتقال في مراحل الثورة ، من مربع المواكب والتظاهرات ، إلى مربع العمل المدني الخلّاق الذي يحول طاقات الشباب إلى مشاريع إنتاجية ونهضوية ، لقدمت لحكومتها خدمات جليلة وعظيمة لا تحتاج بعدها إلى مجتمع دولي أو إقليمي للدعم والإعانة .
لابد من استنهاض هِمم شعبنا العظيم ، ليخرج مارد دولتنا الزاخرة بالموارد والثروات من قمقمه ، فينطلق لتحقيق برامج الكفاية والرفاهية ، فتصبح واقعاً معاشاً بعد أن ظلت لعقود شعارات وهتافات .
توجهوا نحو شعبكم ، ركزوا على مشاريع المستقبل ، أخرجوا من نفق الانتقام والثأرات والتصفيات ، فالذي يثقله الغُبن لن يبني وطناً للخير والتسامح ، والذي يشغله ماضي التنازع والضِرار لن يزرع حقلاً في وادي المستقبل الزاهي الأخضر .
الشعب ينتظركم ليرى تغييراً حقيقياً يتجاوز الأسماء والعناوين والوثائق السياسية والدستورية ، إلى حياة أفضل وخدمات أرقى ومعيشة أرخى ، وهو يستحق .