صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

استثمارات الجهات النظامية

14

كلام صريح

سمية سيد

استثمارات الجهات النظامية

لدى افتتاحه مجمع الكدرو لصادرات اللحوم، أشاد وزير الصناعة والتجارة مدني عباس مدني بمنظومة الصناعات الدفاعية ودورها في دعم الاقتصاد والصادر.. إشادة الوزير جاءت بسبب أن المجمع يمثل أحد المشروعات التابعة للقوات المسلحة.
مع التأكيد على أهمية إنشاء مسلخ بمواصفات عالمية لصادر اللحوم، وذلك بسبب ما أصاب هذا القطاع من انهيار تام أدى الى خروج صادرات البلاد من اللحوم من المنافسة والخروج حتى من الأسواق التقليدية . لكن دعونا نفتح باباً لنقاش موضوعي حول دور الجيش والأجهزة النظامية الأخرى في الحياة الاقتصادية ..الأسباب والمبررات..
في العهد البائد كانت الحكومة تتحدث عن وجوب خصخصة أكثر من 300 شركة حكومية في المركز والولايات. لكن كل هذا الكم من الشركات لا يشمل الشركات والمؤسسات الأمنية والتابعة للشرطة والجيش..
في كتاباتنا في ذلك الوقت، كنا نرى أن أية خصخصة لا تشمل مؤسسات الجهات النظامية، لا تعدو أن تكون سوى ذراً للرماد فوق العيون، وذلك لأن منافسة القطاع الخاص الحقيقية تأتي من هذا الباب وليست فقط الشركات التابعة لجهات حكومية ظاهرة وواضحة. معلوم أن منظومة الصناعات الدفاعية تحتوي على شركات ضخمة وكثيرة تعمل في كافة المجالات المدنية، من شركات المقاولات والبني التحتية الى مجموعة مصانع جياد.. ومصانع أخرى .ثم مجالات الصادر، وأخيراً الاستحواذ على قطاع الاتصالات. نظرية الجيش المنتج معمول بها في عدد من الدول العربية والأفريقية .
خذ مثلاً.. الجارة مصر تجد أن القوات المسلحة تحتكم على نسبة عالية من السوق المصرية في كافة المجالات، من إنشاء الجسور والمدن الصناعية الضخمة، الى إنشاء إستادات كرة القدم ومشروعات الأثاثات المنزلية، الى توفير الخبز وكعك العيد.
في السودان كانت المبررات أن الوضع الأمني الاستثنائي بسبب الحرب يتطلب موقف مالي قوي لمنظومة الجيش، خاصة وأن المخصص للأمن والدفاع من بنود الميزانية العامة لا يكفي الصرف على الحرب في مناطق دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، لذلك كان لابد من موارد إضافية، لست هنا بصدد مناقشة موضوعية هذه المبررات. لكن حتى وإن كان ذلك كذلك، فالوضع الآن اختلف جداً مما يتطلب إعادة النظر في مثل هذه الملفات.
لاشك أن القطاع الخاص المحلي تضرر كثيراً من المنافسة غير العادلة بسبب الامتيازات والإعفاءات التي كانت تمنح لشركات الجهات النظامية، مما خلق الكثير من التشوهات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد الآن.
لكن ثمة تساؤلات مطروحة حول دور هذه المؤسسات الصخمة في الإيرادات، وأين تذهب؟ هل الى الخزينة العامة ام الى حسابات الجهات النظامية التابعة لها بما عُرف بالتجنيب؟
وبما أن هذه الشركات والمؤسسات تعمل في قطاعات مدنية، فهل تخضع للمراجعة من قبل المراجع القومي .ام أنها تخضع للقوانين واللوائح الخاصة بالجهات النظامية التابعة لها.
السؤال الأهم.. هل وجودها يتقاطع مع مدنية الدولة؟.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد