الخرطوم (أ ف ب) – احتفل السودانيون في الخرطوم الأحد بأول عيد أضحى لهم في فترة ما بعد الرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد ثلاثة عقود. ورغم الجو الاحتفالي الذي ساد بين السكان، إلا أن موائدهم لم تكن زاخرة كما في الأعياد السابقة.
رغم أن أشهرا من الاحتجاجات الدامية المعادية للنظام أثمرت عن فرصة تاريخية لقيام الحكم المدني في السودان، إلا أنها أدت كذلك إلى ارتفاع الأسعار ما القى بظلاله على الاحتفالات.
ويقدم المسلمون أضحية في هذا اليوم الذي يعتبر من أقدس الأعياد الإسلامية. ولكن أسعار الأغنام تضاعفت مقارنة بالعام الماضي.
وقال محمد عبد الله، المزارع الذي يعيش في جزيرة توتي الريفية الواقعة بين مدينتي الخرطوم وأم درمان عند ملتقى النيل الأزرق والنيل الأبيض “كنا نستطيع أن نشتري رأس ماشية ب3500 جنيه سوداني (60 دولارا)”.
ولكنه دفع هذا العام 8000 جنيه سوداني. وهذا سعر مرتفع جدا بالنسبة لعبدالله رغم أنه رفع سعر الحليب الذي يبيعه من بقراته التي يربيها على قطعة أرض صغيرة على ضفة النهر.
واضاف عبدالله (43 عاما) الذي غزا الشيب شعره “لدي ثلاثة أطفال، وكان عليّ أن أحضر لهم شيئا في العيد”.
وفي حي بري في الخرطوم، الذي يعتبر مهداً لحركة الاحتجاجات التي أدت إلى إطاحة البشير في وقت سابق من هذا العام، تشهد سوق العيد المشهورة بأسعارها المنخفضة عدداً قياسياً من الزوار.
وقال أحد التجار ويدعى مكي أمير “يعاني السودان من نقص في السيولة حالياً. نحن هنا نستخدم بطاقات الدفع الالكترونية كثيرا لتسهيل الأمر على الناس”.
وأضاف “العديد من الناس يشعرون بالسعادة بشأن الثورة والسلام والاتفاق الذي تم التوقيع عليه الأسبوع الماضي، ولهذا يودون الاحتفال بالعيد بحق”.
وشهد الاقتصاد السوداني تدهورا حاداً عند انفصال جنب السودان الغني بالنفط في 2011، وزادت من تدهوره الاضطرابات خلال الأشهر الثمانية الماضية والتي اندلعت في البداية بسبب ارتفاع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف.
– حال حداد –
مع تدفق المشترين على ساحة بيع المواشي المغبرة لتفحص أسنان الماشية، تبدأ المساومات الصعبة على السعر.
ولام عدد من الراغبين في شراء الأغنام التجار لاستغلالهم فراغ السلطة لرفع الأسعار.
وقال التجار ان الحكومة تفرض عليهم ضرائب أكثر من أي وقت.
ومنذ آخر عملية خفض للعملة السودانية في تشرين الأول/أكتوبر، انخفض سعر الجنيه بنسبة 70% مقابل الدولار في السوق السوداء.
والأسبوع الماضي توصل المجلس العسكري الحاكم إلى اتفاق مع قادة الاحتجاجات على الانتقال إلى الحكم المدني خلال ثلاث سنوات.
ومن المقرر التوقيع على الإعلان الدستوري التاريخي في احتفال في 17 آب/اغسطس، ولكن ورغم أن بنوده تُطبق، إلا أن البلاد لا تزال على حافة انهيار اقتصادي.
وعلى جدران العاصمة تم طمس اللوحات الجدارية التي رسمها المحتجون، وخلت الشوارع من الناس، وغادر العديد من السكان العاصمة للاحتفال بعيد الأضحى في قراهم.
والى سوق بري جاء امير عبد الله لشراء رأس ماشية لصديق مغترب يرغب في تقديم أضحية، ولكن لا يمكنه تحمل سعرها هذا العام.
وقال إن الاحتفال بالعيد هذا العام فقد بهجته لأن ما يقدّر بنحو 250 شخصا قتلوا في الاضطرابات.
وقال عبد الله والعرق يتصبب من جبهته بسبب الحر الشديد “لا أزال في حال حداد على من فقدوا حياتهم .. وبالتأكيد الوضع يتدهور فلا عمل ولا دخل ولا استثمارات .. ولكن علينا أن نبقى مركزين على تحقيق اهداف الثورة وهي حرية، سلام، عدالة”.