صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

اتفاق جوبا…عثرة في طريق السلام.

100

مذاق الحروف
عمادالدين عمر الحسن

اتفاق جوبا…عثرة في طريق السلام..

تباينت الاهداف والرغبات عند الاطراف التي وقعت علي اتفاق جوبا للسلام في اكتوبر من العام الفين وعشرين ، فبينما حرص حمدوك وحكومته علي التوقيع لانجاز اول بند في مهام الفترة الانتقالية وتحقيق استقرار قد يساعد علي انجاح اول حكومة مدنية بعد الثورة – انصب تركيز قادة الحركات المسلحة علي أنصبتهم من الحقائب الوزارية ومقاعد المجلس السيادي ، وربما لم يكن تحقيق السلام عند كلا الطرفين سوي وسيلة لتحقيق هدفه الخاص مما ذكر أعلاه وليس غاية في حد ذاته ، وهو الامر الذي ادي فيما بعد الي ان تتحول الاتفاقية برمتها الي حجر عثرة في طريق انفاذ السلام بدلا من تحقيقه .
الاتفاقية كما هو معلوم تضمنت ثمانية محاور وبروتوكولات مهمة – بل أن بعضها كان يمثل اهم اهداف ثورة ديسمبر المجيدة – مثل تحقيق العدالة الانتقالية ، وحل الميليشيات ودمج عناصرها في القوات المسلحة ، وهي المطالب التي ظل ينادي بها الثوار في كل مناسبة وظلت هتافاتهم تصدح بها في كل المواكب . هذا الي جانب نقاط اخري لاتقل اهمية عما سبق مثل حل قضايا النازحين ، واعادة توزيع الاراضي بما يساهم في حل مشكلة الحواكير لمحاولة وقف التداخل في الاراضي التي تتسبب في الحروب بين القبائل .غير ان كل تلك المحاور لم تحظي بربع الاهتمام الذي وجده بند اقتسام السلطة ليبقي كل شئ علي ماهو عليه بعد ثلاث سنوات من التوقيع ، فيذهب جبريل بالمالية ومناوي بحكم دارفور وحجر وعقار الي السيادي ويبقي النازحون في معسكراتهم ، والقبائل علي اقتتالها وعناصر الحركات بميليشياتهم بعد ان نقلوها الي الخرطوم .
نقول ، ما تم انجازه من اتفاقية سلام جوبا يغالط فكرة نضال الحركات المسلحة ويقدح في اهدافها ، فهو يشير الي أن الاولوية دائما ظلت هي الرغبة في السلطة دون البحث عن انجاز باقي الشروط ، بل دون البحث الجاد عن تحقيق السلام وجعله واقعا يعاش علي الارض .والدليل علي ذلك أن الحركات ظلت تهدد في كل مناسبة بالرجوع الي الحرب حال نقصان غلتها من التعويضات او حال نزع كرسي من وزير ، ولكن لم نسمع احتجاجا واحدا ولا تهديدا بالحرب في حال عدم تطوير قطاع البدو والرعاة كما ورد بالاتفاق ، لم يهدد جبريل ولا مناوي بالعودة الي القتال اذا لم تحل مشاكل النازحين ، وذلك يشير الي ان اتفاق جوبا اتفاق هش قام علي نهج الكيزان واسلوبهم المتمثل في منح المناصب مقابل السلام – وليته تحقق رغم ذلك – فلازالت الحروب القبلية مشتعلة في دارفور ، والنزاعات قائمة بجنوب كردفان والأرواح تزهق بالنيل الازرق .
نقول ، اتفاق جوبا بوضعه الحالي لم يمثل عقبة في طريق السلام وحسب ، بل انه مثل عقبة حقيقية حتي في طريق تحقيق كل اهداف الثورة من قيام الحكم المدني لانه اصبح زريعة يحتج بها كل صاحب غرض يعترض علي مسار ، او يفند مطالبا خاصة ليخدم بها اهداف الفلول . والله المستعان…

مذاق الحروف
عمادالدين عمر الحسن

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد