(1)
وصاحب لنا (شدد على عدم ذكر أسمه) كان كلما وجد صينية مناسبة (فرح أوكره) هجم عليها بالطول والعرض.. وكلما وجد صحن فتة (شمر عن ساعد الجد وسم الله وأكل من الآكلين)، وكلما وجد جماعة يشربون (شراباً حلالاً أو حراماً. وإلا مد يده وتناول نصيبه) وذات يوم وجد صاحبنا جماعة (لئام) وقبل دقائق فقط.. انتهوا من إعداد (سلطة الدكوة) وبدأوا في الأكل، ومثل القضاء المستعجل (طب عليهم صاحبنا)، وقال لهم: (حصاني جراااي)، فأمسك أحدهم بيده وقال: (حصانك بتاع رأس قلبك، وين ذكوتك؟ وين بصلتك؟ وين طماطمتك؟ وين رغيفتك؟)، وبالأمس قال أحد العارفين والعالمين ببواطن الأمور الاقتصادية إن التضخم سينخفض الى 10%!! علامات التعجب من عندنا.. ولكن بذات المنطق نسأل العارف العالم الاقتصادي: كيف ينخفض التضخم؟ وين صادراتك؟ وين حصائل صادراتك؟ وين احتياطييك النقدي؟ وين إنتاجك؟ بل وين أنت مما يجري فى الاسواق؟وأطرد الاحلام ياجميل وأصحى قوم نقضي الليل في ضفاف النيل ننشد الفسحة.!! بالمناسبة الاقتصاد السوداني حاله لن ينصلح لا بالتغريد: (غرد كأنك متعز موسى وزير المالية)، ولن ينصلح بالتهديد (وهدد وكأنك معتز موسى رئيس مجلس الوزراء) الاقتصاد ينصلح بالإنتاج، والإنتاج لن يأتي بالتغريد ولا بالتهديد الإنتاج يأتي بالاعتماد على مواردك غير الناضبة.. والزراعة تحديداًً.
(2)
التاريخ يصور لنا كيف أن عتاولة كفار قريش من صقور وحمائم وقد عقدوا اجتماعاً مهماً بدار الندوة (وهي تشبه بتاريخ اليوم) تشبه دار حزب المؤتمر الوطني (دار عامرة وجميلة ومنسقة وفيها أطيب المأكولات والمشروبات) ومنها أيضاً (تصدر وتخرج القرارات القاتلة والصعبة والقاسية على المواطنين) المهم كان الحضور كبيراً في دار الندوة حضرته كل القبائل عدا بنو هاشم وقبيل الاجتماع وقف بالباب شيخ كبير، وسألوه من الشيخ؟ فقال: شيخ من نجد (وهو إبليس) سمعت باجتماعكم وجئت أشهده معكم ووعدهم بمدهم بالرأي والنصيحة والمشورة، فسمحو له بالجلوس والاستماع الى مداولات الاجتماع المهم.
وأدلى زعيم كل قبيلة برأيه في كيفية التخلص من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فكان المعتدلون يقترحون طرق سهلة للتخلص من النبي (ص) بغير القتل، فيقول الشيخ النجدي إبليس: (ما هذا لكم برأي)، (ما هذا لكم برأي) وظل إبليس يكررها كلما وقف زعيم قبيلة..الى أن جاء دور أبو جهل بن هشام، فاقترح أن يأخذوا من كل قبيلة شاباً صلباً وقوياً، ويعطى كل شاب منهم سيفاً صارماً فيضربون محمداً ضربة رجل واحد ويتفرق دمه بين القبائل وهنا ابتسم الشيخ إبليس، وقال: (القول ما قال الرجل) (وكأنه لا يعرف اسمه، شفت خبث إبليس دا كيف؟) وقال: (هذا هو الرأي الذي لا رأي بعده)، وبعد ذلك الحين تمددت إمبراطورية إبليس الى أن قامت ثورة الإنقاذ الوطني منذ ما يقارب الثلاثين سنة فتدهور واضمحل وكاد يتلاشى دور إبليس ورويداً رويداً وضعفت همته، ووهنت عزيمته، وانتزعت منه ثورة الإنقاذ الوطني دور المعد والمنتج والمخرج المنفذ، بل ودور البطولة.. وصار إبليس مجرد مشاهد أقل من عادي، يشاهد كل ما يقوم به المؤتمر الوطني، الوريث الشرعي لثورة الإنقاد الوطني وللحركة الإسلامية، ولا يصدق أن في الدنيا من يتفوق عليه مكراً ودهاءً وخبثاً، بل ويحتل موقعه بجدارة وصار إبليس اليوم كثير النواح والبكاء على ضياع حاضره ومستقبله وكيف أن أعماله التاريخية صارت ذكريات الأدهى والأمر من ذلك أانه لا يجد سيولة ليشتري مناديل (كيلنكس) ليمسح بها دموعه و(مخاطته)!!
مسكين أيها الشيخ إبليس.. كم من الجرائم والمصائب تُرتكب باسمك؟؟ فأجاب إبليس بعد أن (جر نفساً عميقاً)، ورب العزة لا أعرف عددها كم..