في المقابلة التي أجراها معه موقع (21 عربي)، وردا عن سؤال الموقع له عن لماذا لم ينجح المكون العسكري في تكوين جميع المؤسسات حتى الآن، رغم أن البرهان قال عقب الإجراءات الأخيرة التي اتخذها، في 25 أكتوبر الماضي، إنهم سيستكملون كل المؤسسات في غضون شهر واحد؟، قال الدكتور غازي صلاح الدين ردا عن السؤال (هذه هي المشكلة أصلا، وهذا هو المأخذ على المكون العسكري من الأساس. المشكلة هي أن المكون العسكري ترك مهمته التي كُلّف بها وهي حماية الدولة القائمة إلى حين تسليمها للقوى المدنية عبر انتخابات مستوفية لشروط الصحة والاعتراف. ووضع المكون العسكري نفسه في موضع إدارة الدولة وليس حمايتها. الآن البرهان يمارس الصلاحيات الكاملة لرأس الدولة، بل هو يمارس صلاحيات تنفيذية أكثر من أي رأس دولة آخر في تاريخ السودان بمن فيهم الرئيس السابق عمر البشير؛ فالبشير والرؤساء الذين سبقوه كانوا يمارسون صلاحيات رأس الدولة المُقيدة بالدستور، بينما الآن البرهان يصدر القرارات وحده في كل قائمة الصلاحيات الدستورية دون قيود: يمارس صلاحيات وزارة الخارجية بكاملها في غياب وزير للخارجية، يضطلع بالمهام الأمنية ذات الخطر مثل مقابلة الإسرائيليين وحده وإجراء اتفاقات لا يعلم أحد خطرها وتأثيراتها على مصالح السودان ومستقبله، المطلوب من البرهان كان فقط هو حماية الدولة من الانهيار والإشراف على قيام بنيات الدولة الانتقالية بالقدر الذي يمكن من إجراء انتخابات حرة، ومن ثم القطع في المسائل الدستورية الخلافية التي ظلت تمثل مواضيع الخلاف الفكري والدستوري، لكن الآن البرهان يجلس مغرقا في منضدة مليئة بالملفات من كل لون، معظمها لا يخصه، لذلك لا تستغرب تباطؤ العملية السياسية، وتأخير القرارات أو تأخير تنفيذها، لأن الشخص الوحيد الذي يملك إصدار القرارات، كما يقول التعبير: قضم أكثر مما يمكنه أن يلوك)..انتهى رد دكتور غازي عن السؤال، وبقي تعليقنا عليه..
لابد لي أن أقر أولا بأن لدي محبة خاصة للدكتور غازي صلاح الدين، فهو عندي كما عند كثيرين فيما أقدر، شخص محترم ورزين ورصين، لايهاتر ولايمارس العنف اللفظي ولا ينابذ بالالقاب، فلا تملك الا ان تقدره وتعترف له بذلك مهما كان خلافك مع رؤاه وتصوراته السياسية وتوجهاته الآيدلوجية، وأجدني على (نص اتفاق) وليس على اتفاق كامل معه فيما قاله أعلاه عن تمدد البرهان السلطوي بما لم يسبقه عليه أحد، واستحواذه على كامل السلطة، فما أراه أن حميدتي يقاسم البرهان هذا التمدد والاندياح السلطوي ان لم يتفوق عليه، والراجح عندي بجملة شواهد ومشاهد ان حميدتي هو الأكثر تمددا واستحواذا، فحتى البرهان نفسه لا يستطيع ان ينسب هذا التمدد السلطوي لنفسه فقط،
ولو كان له من تعليق على ما قاله دكتور غازي لقال على طريقة الفنانة الراحلة عائشة الفلاتية (لست وحدي المهيمن والمسيطر على كامل السلطة، وانما أنا وأخوي حميدتي)، وتقول الطرفة ان الفنانة الراحلة لم تشأ أن تتحمل عبء كونها أمية لا تعرف القراءة والكتابة وحدها حين سئلت عن ذلك في احد اللقاءات الاذاعية برفقة زميلها الراحل الفنان ابراهيم الكاشف، فاصطحبت معها زميلها وقالت (أنا وأخوي الكاشف دا ما بنعرف نقرا)، وهذا هو حال البرهان لا يسيطر وحده وإنما يصطحب معه دائما أخوه حميدتي..ولا عزاء لمجلس السيادة الصوري ولا وزراء التكليف تمومة الجرتق، ولا الآخرين الملتحقين بالانقلاب صحبة راكب..