بشفافية
حيدر المكاشفي
أموال كورونا..البغلة في الابريق
بدأت الهمزات واللمزات والاتهامات تتصاعد مجدداً حول (أموال كورونا) وهي تلك الأموال التي جادت بها عديد من الدول من الغرب والشرق الأقصى والأدنى ومن العرب والعجم لمساعدة البلاد ودعم جهودها في مكافحة الوباء اللعين، وتجددت هذه الاتهامات التي أثيرت من قبل في النزاع الشهير الذي نشب بين وزير الصحة المقال ووزير المالية المستقيل (سنأتي عليه)، نقول تجددت هذه الاتهامات و(الشنشنات) في اعقاب التصريحات الاخيرة لوزير المالية المستقيل د. إبراهيم البدوي التي تم تداولها على نطاق واسع عبر وسائط التواصل الاجتماعي والتي أكد فيها عدم علمه بأوجه صرف الأموال التي قدمتها الدول الشقيقة والصديقة للسودان لمحاربة جائحة كورونا وعدم استلام وزارة المالية لهذه الأموال، وعلى ضوء هذه التصريحات الخطيرة تبارى كثيرون (حاقدون على الحكومة وحادبون عليها)، للتشكيك في ذمة الحكومة الانتقالية ووصمها بالفساد مستغلين الخلاف السابق الذي وقع حولها بين وزير الصحة ووزير المالية كدليل شهادة عليه، وهذا ما يدفعنا لمطالبة الحكومة بأن تسارع بأعجل ما تيسر لكشف حقائق أموال كورونا وأوجه صرفها بالتفاصيل الدقيقة والمملة ونشرها للرأي العام درءاً للشبهات وقطعاً لألسنة من لم يكفوا عن استهدافها وترصد أخطائها..
كان أول خلاف حول أموال كورونا ظهر للعلن وقع بين وزير الصحة د. اكرم علي التوم، ووزير المالية د. ابراهيم البدوي، قبل اقالة الاول وقبول استقالة الثاني، وكان منشأ الخلاف هو خطاب غاضب بعث به وزير الصحة لوزير المالية يتهمه فيه بتبديد أموال كورونا وتوظيفها من أجل كهرباء بورتسودان ولتسديد مستحقات المبعوثين للخارج و أشياء أخرى، واضاف الخطاب ان وزارة المالية بتصرفها الخاطئ هذا الذي حول الاموال المخصصة لكورونا لاشياء أخرى كان سبباً في عجز وزارة المالية عن تسديد فاتورة الدواء منذ ديسمبر 2019. ولرد هذا الاتهام اصدرت المالية بياناً نفت فيه بشدة ما اسمته (الإشاعة) التي تم تداولها عن أن وزارة المالية قد تصرفت في، أي من الإعانات أو المنح العينية أو النقدية التي قُدمت للسودان لمجابهة كورونا لأغراض أخرى غير ذلك، وأكد بيان وزارة المالية أن تلك الإعانات والمنح التي وصلت السودان كلها تم توظيفها بالكامل لمجابهة هذا الوباء، وقد سُلمت بالكامل لوزارة الصحة الاتحادية أو للجهات المختصة الأخرى، ولم يتم التصرف في أي جزء من هذه المبالغ لغير هذا الهدف من قِبل وزارة المالية او من أية جهة أخرى، وبعد استقالته يدفع وزير المالية بوقود جديد ليشعلل مجدداً موضوع أموال كورونا بتصريحه المثير، وهو ما يحتاج كما قلنا ان تتعامل معه الحكومة بحساسية بالغة وتسرع في كشف الحقائق، ليس فقط لتفنيد ودحض اتهامات الفساد بل وأيضاً لتطمين المانحين بأن أموالهم التي بذلوها تم صرفها على وجهها الصحيح، خاصة ان المانحين حساسين للغاية تجاه قضايا الفساد المالي او عدم الوضوح في أوجه صرف أموال المساعدات الانسانية، ولو ثبت لهم ان مساعداتهم قد ذهبت لغير الغرض الذي وهبوها من أجله دعك من ان تكون دخلت الجيوب الخاصة، فالمؤكد انهم سيغلون أيديهم الى أعناقهم ويمتنعون عن تقديم المزيد وربما امتنعوا نهائياً عن تقديم أي دعم..
الجريدة