نفسي أفهم على أي مبدأ أو قناعات توافق بعض الأحزاب على الانضمام إلى قطار الحكومة ومن ثم القبول بشراكات سياسية معها، ونفسي أفهم برضو على أي مبدأ ولأي سبب تنقض عهدها وتنفض يدها وتعلن تبرؤها كما فعل “مبارك الفاضل” الذي جاء الخرطوم، أكثر من مرة مهادناً ومعانقاً للحكومة ليصبح جزءاً منها إن كان في القصر أو الوزارة، ويظل واحداً من أفراد طاقمها يعمل وفق منظومتها داجناً بشكل غريب حتى لكأنه لم ينتقدها يوماً أو ناصبها العداء، ويستمر شهر العسل هذا طالما أنه يحظى بمنصب رسمي، لكن وبمجرد أن يتم إعفاؤه )هووووووبا( يعمل مناضلاً ويتذكر حراك الشارع وينحاز له، وبالأمس القريب أعلن “مبارك الفاضل” الذي كان وزيراً للاستثمار قبل شهرين من الآن، أن حزبه انحاز لانتفاضة الشعب السوداني واحتجاجاته في محاولة لركوب الموجة والالتفاف على الحراك التلقائي الذي خرج مبرأ من أي شبهة تجمعه بحزب من الأحزاب، والشباب الذين كانوا وقود هذا الحراك لم يثبت أن لأحدهم ارتباطاً بحزب والشهداء والجرحى لم يعلن حزب من الأحزاب أن أحدهم من كوادره، لكن يبدو أن “مبارك الفاضل” وأمثاله من الذين ظلوا يقودون معارضة الموية الباردة وهم يعيشون في الخارج متمتعين بحياة رغدة ورخية لم تنسهم لذة السلطة وأشواق الحكم، يظنون أن شعب السودان ده وهم وطير ليصدق مثل هذه البيانات الهزيلة التي ترسم صورة غير حقيقية لمواقف هؤلاء الذين ما كانوا ولن يكونوا جزءاً من الحل السياسي، لأن منطلقاتهم محشودة بالأنانية، ودوافعهم مليئة بالطمع والأنا والسعي نحو المكاسب الشخصية. وخلوني أقول إن إسقاط تجربة “مبارك الفاضل” مثلاً على أرض الواقع، تفضح قدر شنو هؤلاء الشخوص بعيدين عن هموم الشعب السوداني وقريبين من طموحاتهم التي لا يهم على أي نحو يحققونها. وكدي خلوني أسأل “مبارك الفاضل” شنو الأتغير في البلد منذ أن كان وزيراً للاستثمار وبعد شلحوه من المنصب؟.. ما نحن يانا نحن بذات معاناتنا وبذات أحلامنا المؤجلة، لكن الذي تغير هو “مبارك” نفسه الذي لن يرضى أن يكون بعيداً عن السلطة ببريقها وصولجانها، واعتقد أن الفيلم انتهى وعربية الإنقاذ انقلبت، ففكر أن ينط ويحجز لنفسه موقعاً جديداً بتأييد خجول وانسحاب لوزير حزبه من حكومة الولاية الشمالية وإعلانه أنه مع الاحتجاجات الشعبية الصادقة التي نادت بعدالة اجتماعية وحياة محترمة وكريمة لشباب لا تتذكرهم هذه الأحزاب إلا عندما تحتاج لحطب تشعل بيه النيران وتؤجج الأحداث ليدفعوا الثمن غالياً والصفقة يربحها الجالسون في كراسي الانتظار والجلاليب جاهزة والعمم المطرزة حاضرة ولا عزاء لمن تلقوا الرصاص واستنشقوا عبوات البمبان، وهو ما استوعبته جموع الشعب السوداني التي سرقت منها ثورتا أكتوبر وأبريل أعظم ثورات التاريخ، لكن من يفهم هؤلاء أن )القيم أوفر( وأن الشعب السوداني استوعب الدرس جيداً ولن يرهن نفسه لزعامات فاشلة وكسولة ومتحجرة بسببها تأخرنا عشرات السنوات وفقدنا فرص كثيرة في أن نكون أفضل مما نحن فيه الآن، فيا “مبارك الفاضل” ما عاد ممكناً ولا مقبولاً أن تبيع الموية في حارة السقايين، وهذه الشعارات لن تكسبك ولا غيرك أراضٍ أو مساحات لدى أهل السودان، ولو أنكم أحرقتم أنفسكم مثل ما فعل “بوعزيزي” لن يصدقكم أحد.
{كلمة عزيزة
لن ينسى الشعب من تآمروا عليه وضربوا منشآته ومصانعه، لن ينسى الذين تاجروا بقضاياه وأزماته وقبضوا التمن.
{كلمة أعز
اللهم أحمِ بلادنا من الفتن وأجمع أهلها على كلمة سواء.