صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ألا ليت الترابي يعود يوماً فأخبره ….

11

 

ملاذات ىمنه

ابشر الماحى

ألا ليت الترابي يعود يوماً فأخبره ….


منذ اندلاع خبر وفاته، لم أجد فيما قيل عن فاجعة رحيله، شرقاً وغرباً يميناً ويساراً، أبلغ مما قاله الدكتور عبد الله علي إبراهيم، وهو يومئذٍ أحد مجايليه ومناوئيه في وقت واحد، قال دكتور عبد الله إن رحيل الدكتور حسن الترابي يؤرخ إلي )نهاية عصر( !!
* فالشاهد منذ أن عاد للخرطوم من بعثته الفرنسية عام 1964، والدكتور الترابي يعتبر محوراً في صناعة الحياة السياسية والفكرية السودانية، معارضاً كان أو حاكماً طليقاً كان أم حبيساً.. ليس بالضرورة أن يكون في موقع صناعة القرار ليُشارك في صناعة الأحداث، ففي حالات ضفتي الحكم والمعارضة، كان ﻻبد لمراكب الأحداث ومواكب التأريخ أن تمر من عنده، فلا أعرف، والحال هذه، رجلاً يستتبعه التأريخ ويترصده قلم التوثيق مثل الدكتور الترابي، فعلى الأقل هو صانع أكثر من ثورة، صنع أكتوبر بشرارة ندوته الشهيرة بجامعة الخرطوم ، وصنع أبريل التي خرج على متن صهوة جماهيرها وشعاراتها من السجن، وكان له حق امتياز منتوج الإنقاذ، ﻻ يعني ذلك بالضرورة أن تكون صناعة ثوراته خالية تماماً من عيوب التصنيع، بدليل اعترافاته ومراجعاته وتقلّباته التي لم تهدأ ولم تستقر على حالة، من لدن حركة )الإخوان المسلمين( إلى )جبهة الميثاق( إلى )الاتجاه الإسلامي (، مروراً )بالجبهة الإسلامية( و)المؤتمر الوطني( وصولاً للنظام الخالف و.. و..
* يتحدث الناسُ عن كتب شيخ حسن، وأتحدث أنا في المقابل عن الكتاب )الدكتور حسن عبد الله الترابي( الذي أُدرِج مباشرة في مكتبة التأريخ.. تبحث الفضائيات عبثاً عن إجابة لسؤال.. بمن تأثر في مسيرته الفكرية.. وأتساءل في المقابل عن الأجيال التي تأثرت به!!.. فلما كان يدور الجدل حول مدة فترة حكم الإسلاميين .. قلت يومئذ “ربما نحتاج )لقرن من الزمان( حتى يرحل آخر جيل يحمل فكر الترابي !
* لما اعتلى دكتور الترابي يوماً منصة )الكونغرس الأميركي ( متحدثاً، وهي فرصة قلّ أن تُتاح لرجل من العالم الثالث، يومها انقسمت الإمبراطورية الأمريكية والغرب الكبير على نفسه، منهم من قال إن النسخة التي يحملها الترابي أيسر من تلك التي يحملها الشيخ عمر عبد الرحمن، ومنهم من قال إن خطورته تكمن في انفتاحه وقوة تأثيره، ومنهم من قال )إن هذا الرجل يجب أن يموت(.. على النحو الذي دُبّر وتُرجِم في حادثة مطار أتوا !!
* برغم عالميته، وهو يجوب العوالم والحضارات الإنسانية متحدثاً بلغات الدنيا الحية كلها، كان شيخ حسن رحمه الله في المقابل سودانياً بامتياز، سمتاً وسماحة وتبسّماً ومظهراً، وظاهرة انتشرت تفاصيل ها بين طلابه ومحبيه !!
* غير أن ثمة شيء لم ينتبه له الكثيرون في غمرة احتشاد مناقب الراحل في يوم ذكرى رحيله، يتمثل في زهده، بحيث لم تنهض حملات إعلامية مناوئة يوماً تتحدّث عن ممتلكاته وأرصدته الباهظة !!
* رأيت في ذكرى رحيله أن أُجسِّد بعض المشاهد القيمية الموحية الحية، لعلها تشكل بعض المحفزّات والممسكات لإخوانه من بعده في شتات الحركة الإسلامية السودانية، التي تفرقت عضويتها بين عدة مسميات ومؤتمرات، لعلها تعصم هم وتعيدهم إلى رشد الوحدة والتلاقي والثبات أمام أعاصير الهجمات المرتدة على كل ما هو إسلامي، هجمة لعمري لا تفرّق بين مؤتمر وحركة ومنبر…
وليس هذا كل ما هناك

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد