على كُلٍ
محمد عبد القادر
أعينوها على التغيير !
لستُ ميالاً للخطاب الذي يتندر على مراجعات تجريها الحكومة لأدائها سواء كان ذلك بأعمال النقد الذاتي أو استجابة للحراك الأخير.
من يقول إن التطورات الأخيرة لم تكن مؤثرة في توجهات الدولة وقراءاتها وتخطيطها لمستقبل التعامل مع قضية الحكم، لن يكون صادقاً، بهذا المنطق فإنني لا أرى رشداً في التهكم على الحكومة إن هي سايرت رغبات الناس وحاولت تصحيح أوضاع أنتجت الحراك الأخير.
من أكبر واجبات الدولة الاستجابة لرغبات رعاياها، تحقيق غايات الناس هو الهدف من وسائل الضغط الجماهيري وآليات التعبير، تنامي إحساس السلطة بحاجة مواطنيها دليل عافية لا مؤشر ضعف أو دليل هزيمة.
إقدام الحكومة على تحقيق مطالب المواطن يحسب لها لا عليها؛ الرسالة المهمة في الاستجابة هي اعتراف الدولة بموضوعية حراك الجماهير من أجل تحقيق مطالب عادلة.
ليس من مصلحة البلد استمرت الحكومة أو غادرت اعتبار خطواتها نحو التغيير ضعفاً وخوفاً من طوفان التظاهرات والهتافات، أو تصويرها تملقاً للجماهير واعتمادها دليلاً على الضعف الناتج عن الضغط ليس إلا.
يُحمد للحراك الشبابي أنه نبه الحكومة إلى جملة قضايا تعاملت معها على الفور، ومنها حوار الشباب والاستجابة لقضاياه الملحة، قضايا التمويل في البنوك والعطالة، الإعلان عن توفير الوظائف، فتح قنوات التواصل مع المكونات الشبابية والإنصات لقضاياهم الملحة.
سلمية الحراك الجماهيري والتنبيه عبر الإعلام لطرائق التعامل مع التظاهرات، وقف حمل الرصاص الحي وعدم استخدام العنف المفرط أو مطاردة المحتجين داخل الأحياء، الاستجابة لدعوات التحقيق في مقتل جميع من سقطوا في المظاهرات، ودونكم التقرير الذي أدان معذبي المعلم أحمد الخير والدعوة لرفع الحصانة عنهم وتقديمهم للمحاكمة، كل هذا كان نتاجاً لتعاطي الدولة مع مطالب حقيقية وملحة، ومثل تغييراً مهماً في تعامل السلطات مع مطالب الرأي العام.
لابد من الإشارة كذلك إلى المراجعات في قانون النظام العام وما تم من انتقادات للقانون من قمة رأس الدولة، النظرة الجديدة للقانون الذي مازلنا نقبع بسببه في القوائم الأمريكية السوداء تعتبر تغييراً منهجياً في مسيرة الإنقاذ بغض النظر عن التوقيت، من الملاحظات المهمة كذلك وقف التعديلات على الدستور داخل البرلمان.
أعينوا الحكومة بدلاً من التهكم على استجاباتها والتندر على رغبتها في التغيير، لماذا تضنون على المواطن بقطف ثمار الحراك إن كان سبباً في تنبيه الدولة إلى مواطن الخلل، هنالك جهات تسعى لتأليبها ضد الإصلاحات المطلوبة، فلا تعينوها بازدراء القرارات التصحيحية.