* انطوت حقبة الإنقاذ، ودخلت ذِمَّة التاريخ فعلياً، مثلما دخل قادتها المحابس، في انتظار أن يقول القضاء كلمته في من أفسد منهم، وتلك حقبةٌ أخرى، يبدو أنها ستشهد مرافعاتٍ في غاية القسوة أمام محكمة الرأي العام.
* الناظر للأحداث التي تلت السقوط المدوِّي، يستشرف في بوادرها شروراً مستطيرةً على فترة حكم الإنقاذ، ومن سيطروا عليها، وسيَّروا دفتها، قياساً بما رشح في بواكير أيام السقوط.
* تأملوا حالة الصدمة التي اعترت الرأي العام في بلادنا خلال اليومين الماضيين، بعد أن نشرت الصحف أخباراً تتحدث عن ضبط ما يقارب المائتي مليون دولار في خزائن الرئيس المخلوع، وأحد حساباته البنكية، لتعلموا أن ما نشاهده الآن هو )المناظر(، وأن حبكة )فيلم الآكشن( وفصوله الساخنة لم تبدأ بعد.
* ستتضخم ردَّة الفعل، ويزداد هول الصدمة، ويتضاعف الحنق، حين تستبين تفاصيل الفساد الذي عمَّ غالب مؤسسات الدولة، ويتضح حجم المبالغ المنهوبة بالأرقام، ويعرف الناس الكيفية التي تم بها السطو على بعض القروض الخارجية، وتوضح المحاكم مصير مليارات صادر البترول، والنهج المختل الذي تم به تفكيك السكة حديد، وبيع بواخر الخطوط البحرية، والميناء وخطوط سودانير، وعقود استيراد الدقيق والجازولين، وأموال الدواء، وملفات فساد قطاعي الكهرباء وشركات البترول، وبلاوي الطيران المدني، وأدران تخصيص الأراضي، والتسهيلات البنكية التي حظي بها بعض رجال الأعمال التابعين للنظام البائد، وكوارث خطابات الاعتماد المُقدَّمة من البنك المركزي لأوُلي الحظوة، وجرائم غسل الأموال، وغيرها من الكوارث المُشينة التي حدثت في العهد البائد.
* سيزداد هول الصدمة حال الإقدام على فتح ملف بيع الجواز السوداني للأجانب، بقوائم كانت تُعد سراً، وترفع إلى وزارة الداخلية لاعتمادها، ومنح أصحابها الجنسية.. بالدولار.
* ستأتي الأيام السيِّئة، وتتضخم النقمة، ويزداد الحنق الجماهيري، حين تتكشف كل الحقائق داخل المحاكم، ويستبين ما خفي من جبل الجليد المتعلق بفسادٍ شرعت الإنقاذ نفسها في تصفِّح ملفاته، ومحاسبة بعض أساطينه في أواخر أيامها، عبر وحدة متخصصة أنشأها جهاز الأمن، ولم تبلغ مُرادها، بعد أن أجبرت على طيِّ أوراقها، ولملمة ملفاتها بأمر المخلوع، بعد أن وصل طرف السوط إلى أهل بيته، ممن استباحوا المال العام، وولغوا فيه حتى أفقروا الدولة، وأجاعوا أهلها.
* أمس فقط نشرت الزميلة )السوداني( خبراً يفيد اكتشاف حسابٍ بنكي، يحوي مبلغ )315( مليون ريال سعودي يعود إلى الرئيس المخلوع، تم إيداعه منذ العام 2016!
* كان بمقدور المبلغ المخبَّأ أن يحل أزمة مصفاة الجيلي، التي توقفت عن العمل بسبب عجز الدولة عن توفير مبلغ مائة مليون دولار لصيانتها، وقد أدى ذلك العجز إلى توقفها عن العمل كلياً، لتتمدد أزمة الوقود وتتعطل الحركة، وتختنق التجارة والزراعة والصناعة في كل أرجاء السودان، تبعاً لشُح البنزين والجازولين.
* ذلك بخلاف مبلغ )113( مليون دولار، تم العثور عليه في بعض الخزائن الخاصة بالمخلوع.
* إذا كان ذلك حال الكاش، فلنا أن نتصور ما تحويه حسابات البنوك داخل السودان وخارجه، وما سيتضح حال إقدام الدولة على تتبع ملفات العقارات الثمينة، والاستثمارات الضخمة التي تمت خارج السودان، من عرق الكادحين، وأموال الفقراء والمساكين.
* فساد يشيب لهوله الولدان، ستنكشف عنه الحُجُب تباعاً، وتتضح تفاصيله لاحقاً، ليعلن أن أسوأ أيام الإنقاذ لم تأت بعد.