في الوقت الذي يقبع فيه قادة السلطة الانقلابية خلف أسوارهم وفي مكاتبهم وغرفهم المكيفة يتحاشون الخروج في الاجواء الساخنة في نهار رمضان، كان أبطال الثورة وثوارها يحتلون الطرقات وشوارع العاصمة الخرطوم ومدنها الثلاث ، فقبل ان تلتقي مواكب الخرطوم وتتلاحم في ميادين النضال كانت قضارف الخير لبت نداء الثورة باكراً، وغازلت بورتسودان الزاهية الانيقة شوارعها هتافاً ورفعت شعاراتها في وجه العسكر وحكمه الباطش، لتتقدم فاشر السلطان الصفوف عزة وكرامة وإباء ، وفي ظل هذا التنافس الوطني ، حرصت مدني كعادتها ان تكون مختلفة ، فلامست خطاها بلاط الاعتصام وظهرت الحشود فيها كأسود ضارية لا تهاب النزال.
وصمدت مواكب الخرطوم على شوارع المواجهة طيلة ساعات النهار وتحت وطأة الشمس الحارقة تنتزع حقوقها في حرية التعبير نزعاً من فوق الحاويات ومن تحتها عندما حشدت السلطات الانقلابية آلاف الجنود ،ونصبت عشرات المرتكزات قبل بداية المواكب الأمر الذي فضح وكشف مادار وتم أمس الأول في اجتماعاتهم المغلقة، التي استمرت لساعات تفكر وتخطط أن كيف لها ان تواجه هؤلاء الشباب ،فهذه الحشود العسكرية التي نزلت للشارع بالأمس كانت تكفي لتحرير حلايب وشلاتين ، سيارات وعتاد وجيوش واسلحة كله لمواجهة المواطن الذي تريد السلطات أن تحكمه بالقوة .
لكن الملفت في مواكب ٦ ابريل المجيدة ان آخر العروض الرمضانية الانقلاب في سوق الحماية بدافع الخوف كانت تلك الاسلاك الشائكة التي أغلقت بها السلطات الانقلابية الطرق الرئيسة في العاصمة فبركم كيف يُغلق أهم شارع في العاصمة السودانية (شارع المطار) بالاسلاك الشائكة الامر الذي يعطل حركة المطار ذهاباً واياباً.
فالمتأمل بالأمس لمقار القيادة العسكرية ينتابه الشعور بالشفقة عليهم اي والله (حنيت عليهم) فإن نظرت للقيادة تجدهم ضربوا سوراً ليس له باب باطنه فيه الخوف وظاهره من قبله الشباب ، قوامه من السيخ والاسمنت احاطوا به القيادة العامة ، وان نظرت للكباري ستجد الحاويات العالية اغلقت بها جميع الكباري ، وبالأمس آخر صيحات الموضة في عملية ( الاغلاق على النفس) كانت الاسلاك الشائكة التي اغلقوا بها شارع المطار وشارع البرلمان بربكم الا تستحوا !!
إذاً انتصار الثورة الآن يكمن في أنها وضعت قادة الانقلاب تحت الاقامة الجبرية ، كيف لا فالثورة حرة طليقة تمارس حياتها في الشارع يومياً (على كيفها) لكنهم سجناء الآن بأمرها ، ففي كل يوم تعلن فيه المقاومة عن مواكبها تتسبب لهم في ضيق التنفس ونقص الاوكسجين
وماذا بعد الاسلاك الشائكة فالمواكب لن تتوقف وابريل ليست نهاية المطاف، وربما يكون بداية لمواكب أكبر في أيام قادمات اذاً ماذا سيصنع لكم (الحدادون) واصحاب الورش المتخصصة في صناعة السيخ والالمونيوم ، فالثورة ستلاحقكم وستطاردكم فصاحب الحق لن يمل الطريق ولكن اللصوص قد يعيها الركض او تموت في مكانها خوفاً، فسلطات لاتراعي حرمة المستشفيات وخصوصية المرضى ماذا سننتظر منها وما الذي ستقدمه للمعافين الاصحاء !!
طيف أخير
عند نهاية هذه الزاوية بدأ اطلاق البمبان المكثف، فإن واصل الثوار حصارهم للسلطات الامنية ربما تستخدم الرصاص الحي كعادتها.