(1 )
بعد مفاوضات مارثونية طرفاها على الخشبة المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير انبعث مساء الثلاثاء دخان أبيض يشي بأن الجماعة قد اتفقوا على تدابير المرحلة الانتقالية مؤسسات وصلاحيات ونسب توزيع فكان هذا الدخان بمثابة إعلان النهاية للمرحلة التمهيدية التي تعيشها البلاد الآن وهي مرحلة مرتبكة يكتنفها عدم اليقين أشاعت الخوف على مستقبل البلاد وكانت قمة الخوف مساء الإثنين حيث سقط عدد من الشهداء والمئات من الجرحى حول المتاريس, نسأل الله الفردوس الأعلى للشهداء وعاجل الشفاء للجرحى ونتمنى أن تظهر نتيجة التحقيقات حول تلك الواقعة بأعجل ما تيسر فأي غتغتة في هذا الأمر سوف تؤثر سلباً على المرحلة القادمة. أما الدخان الأبيض فهو مجاز من قصة اختيار الكرادلة للبابا الجديد.
(2 )
قلنا أعلاه إن الطرفين على الخشبة هما المجلس العسكري وقوى الحرية التغيير لأنه في تقديرنا أن هناك مفاوضات صعبة اشترك فيها كثيرون كوساطة وكمسهلين وكشارحين وراء ستارة وأن الطرفين عندما جلسا على طاولة التفاوض كانت الشغلانة موضبة وجاهزة وهذا يزيد من قيمة الاتفاق لاتساع دائرة الشراكة فيه, ليس هذا فحسب فلن نستبعد أن يكون هناك مكون خارجي خلف الجدار الذي يقف خلف الستارة وهذا طبيعي في عالم اليوم الذي لا توجد فيها سيادة كاملة. وبارك الله في السفارة الأمريكية التي لاتخفي تدخلها في الشأن السوداني وتوزع جزراتها وعصيها على الفرقاء السودانيين على كيفها أما على مجمل الدولة السودانية فما شفنا ليها حاجة حتى الآن وإن شاء الله باكر تصدق معانا وترفع ثقلها عنا وتدينا (شوية من حنانا).
(3 )
في تقديري أن الاتفاق المعلن قد قوبل بكثير من الارتياح في الرأي العام السوداني فالمواطنون ضاقوا ذرعاً بالفترة التمهيدية ويودون نهايتها بأي شكل من الأشكال. فالخوف من الفراغ الأمني الإداري قد بلغ مداه وفي نفس الوقت الترقب للفجر الجديد قد طال. فالناس ودعت ماضياً مرهقاً وتتطلع لمستقبل أفضل. وهذا الاتفاق بمثابة إعلان لذلك المستقبل لذلك من الطبيعي أن يقولوا اللهم اجعله خير فسوءات النظام السابق لم تترك للمواطنين أي فرصة إلا الترحيب بالقادم الجديد مهما كان مبهماً وفي المستقبل لكل حادثة حديث.
(4 )
كلماتنا اليوم خصصناها للترحيب بالقادم الجديد سائلين الله التوفيق لكل من يتصدى لتولي أمر هذه البلاد. وإن شاء الله لنا عودة تفصيلية لمحتويات الاتفاق. فاليوم خمر وغداً أمر، ولكن خارج الاتفاق أود التوقف عند نقطة واحدة وهي أنه كان هناك إجماع على أن يكون الجهاز التنفيذي أي مجلس الوزراء مكون من كفاءات وطنية غير متحزبة، ولن تشترك في الفترة التي تلي الانتقالية فقد لحظت أن التصريحات التي صدرت مؤخراً أصبحت تتوقف عند كفاءات وطنية فقط مما يشي بأن الحكومة يمكن أن تكون من ذات مكونات قوى الحرية والتغيير، فإن كان ذلك كذلك فإن هذا سيعني أن الفترة الانتقالية ستكون حكومتها حزبية وفي هذا خطر كبير على الفترة الانتقالية، وهذا ما سنعود له غداً إن شاء الله فكل الذي نتمناه في يوم البهجة هذا أن يستمر الإصرار على حكومة (مجلس وزراء) من كفاءات وطنية مستقلة عن الأحزاب ولن تشترك في الحكومة التي تلي الانتقالية والله نسأله الحفظ للسودان ولأهل السودان.