)1(
* عندما شغلنا أنفسنا بمن ينبغي أن يصبح رئيساً لمصر وكيف ظُلِم د. محمد مرسي، وهذا )شأن مصري داخلي بحت لا يهمنا كثيراً, وإن امتدت تأثيراته على العلاقات بين البلدين(، كانت )الأشجار تسير(، والمتغيرات تحدث، والعمل السياسي والإعلامي بمصر يضع هدفاً استراتيجياً أمامه ويمضي نحو تحقيقه بوضوح وجرأة وذكاء، و)حلايب( تضيع من بين أيدينا بسبب تفريطنا فيها، لنخسر أرضاً غالية من رقعتنا الجغرافية، ونشغل أنفسنا بالسيسي ومرسي وما حدث بميدان )رابعة العدوية( وما قاله المحللون بقناة الجزيرة من جهة وما ذكره بالمقابل ضيوف برنامج )ساعة مصرية(..!!
* کتبنا عبر هذه المساحة بالنص في الرابع من یونیو عام 2014: )قد تبدو الحقيقة صادمة ولكن لا بد من سماعها والاقتناع بها، لمعرفة كيفية التعامل مع ما أفرزته من واقع جديد.. زاد الاهتمام المصري الرسمي والإعلامي والشعبي بـ)إنسان حلايب( في الفترة الماضية بصورة غير طبيعية.. كثير من التسهيلات في أساسيات الحياة وحزمة من المغريات مع عملية )غسيل أدمغة( لأناس بسطاء وجدوا أنفسهم يتعاملون مع جانب واحد يسعى لتغيير واقعهم لإثبات اهتمامه بهم وحرصه عليهم.. جيل جديد يتشكل وعيه بحلايب الآن وتتغير قناعاته، وإن جاء يوم ليخيروه لما اختار غير الذي يهتم به الآن ويتربى في كنفه ويترعرع في حضنه، فالحريص عليك هو من احتواك و)أبوك ما الولدك.. أبوك الرباك(..!!
* لو خرجت المسيرات بالخرطوم )نصرةً لحلايب وأهلها( بدلاً من نصرة مرسي، وطالبت بوقف عملية )المصرنة( التي تتم في العلن لوجدت الملايين خلفها، ولكن أن نهتم بفوز السيسي والبلاد تفقد جزءاً عزيزاً من أراضيها بالسيطرة والترغيب والاحتواء و)وضع اليد(، فذاك ما يحتاج منا لوقفة جادة، فواقع الحال يقول وفق المشاهد التي نراها أمامنا إن )حلايب لم تعد سودانية( ونحن نتفرج على ما يحدث، وبعضنا يضاعف المأساة عندما )يهزم وطنه( ويخرج لنصرة الشعوب العربية؛ لتکون الخلاصة أن )الأمر الهيِّن بضيع الحق البيِّن(..!
)2(
* قلنا عشية نهائي أمم أفريقيا في الخامس من فبراير من العام الماضي، إن مجموعة کبیرة من الشباب السوداني ساندت الکامیرون ضد مصر؛ ولأن ذاك لیس أمراً طبیعیاً ولم یأتِ حباً في الکامیرون؛ فقد عزا الکثیرون موقفهم المناصر ذاك لقضية لحلایب؛ ولم أمنح هذه الفرضیة مساحة کبیرة من التفکیر لأسباب عدیدة لیس من بینها تفریطنا الذي أستهللت به المقال؛ أو حتی حدیث الشباب العذب عن إثیوبیا رغم ما یحدث من احتلال لـ)الفشقة(..!
)3(
* الشعوب لا تُحاسب بمواقف حکوماتها وخط سیر إعلامها؛ فالشعب المصري لا یحاسب بمواقف حکومته التي تحكمها سياسات الشد والجذب؛ ولا یمثله إعلام بلاده الذي یلجأ للشتم و)الردحي( علی إیقاع )العشرة بلدي(، کلما لاحت في الأفق قضیة ما؛ فمباراة مصر والجزائر التي أقیمت باستاد المریخ بأم درمان في الثامن عشر من نوفمبر 2009، کشفت حجم الجهل المسیطر علی معظم )إعلامیي المحروسة( الذین فروا من الحدیث عن المباراة فرار السلیم من الأجرب؛ وبدأوا یبحثون عن )شماعات( یعلقون علیها خسارة الفراعنة؛ وکأنما کرة القدم عندهم لا تعترف بنتیجة سوی النصر، مع إن فرصة الحسم جاءتهم بالقاهرة فعجزوا لتکون الفاصلة باختیارهم في أم درمان.
* تحدثوا في لیلة )المباراة الفاصلة( عن المصریین المحاصرین والجرحی بل و)الموتی الذین لم یعرفوا أعدادهم بعد(؛ ومغنٍ منزوع الأخلاق اسمه محمد فؤاد یحتسي القهوة و)الشیشة( موضوعة أمامه بمطعم الساحة اللبنانیة؛ ثم یتجول بکل طمأنینة حتی یصل مکاتب شرکة )طارق نور( بقلب الخرطوم ویصرخ من هناك عبر الهاتف کذباً وتلفیقاً لبرامج )التوك شو(: “أغیثونا نحنا محاصرین”، وعمرو أدیب بجلافته المعهودة وأحمد موسى بصفاقته المعروفة وإبراهیم حجازي بصبینته الغريبة یلتقطون النداء؛ ویربط كل منهم )عبارات الولولة( علی وسطه؛ ویقدم فاصلاً من السخف وقلة الأدب؛ بینما لا أحد من الأشقاء المصریین أصیب بأذی؛ والکل یعود لبلاده في أتم صحة وعافیة؛ وفیدیو یتسرب عبر )الیوتیوب( لمحمد فؤاد لحظة اتصاله بالقنوات )الفوضویة(؛ وقوله بعبث طفولي ساذج: “بالوقت تکون مصر اتقلبت علینا”.
* وقبل أن ینسی الناس سخافات حجازي ورفاقه الذین سبوا السودان وأهله في )شوارع( ساعات البث المباشرة، ثم اعتذروا في )زقاق( بلغة مرتبكة في ثوانٍ معدودات بعد موقف الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك الذي طالب متأخراً بإیقاف ذاك العبث؛ ظهر لنا )أرجوز جدید( یصیغ التاریخ علی حسب رٶیته القاصرة؛ ویعید ترسیم الحدود بفهمه العقیم لیثبت للملأ أنه أبعد ما یکون عن )التوفیق( والکیاسة؛ فهو مجرد جهلول بارع في )الرواشة(؛ وحق لنا أن نسمیه )تلفیق( عکاشة..!
* هؤلاء الذین منحتهم مصر الفضاء صنعوا لها من العداوات ما لا یمکن تخیله؛ فمجموعة )الألسن المبتذلة( التي تنشط لیلاً عبر عدد من القنوات لا تفرق ما بین استفزاز مشاعر الشعوب وما یزرع بذور الفتنة؛ وما یتم اتخاذه من مواقف وقرارات وشد وجذب طبیعي یحدث بین الحکومات کلما هبت ریاح التغیرات..!
* تباً لسموم و)أوهام( هتیفة الإعلام المصري التي خلقت ترسبات سالبة في الشارع السوداني تلحظه في )السوشال ميديا( وجعلت الکامیرون )أخت بلادي التي تجتث الأعادي(..!
)4(
* أخيراً: قبل أن تطرب القاهرة الآن لقرار إلغاء حظر المنتجات المصرية، عليها إدراك أن )سماً زعافاً( تضخه قنواتها الفضائية يقف حائط صد حقيقي أمام قدوم كل منتج, فأوقفوا عبث هؤلاء الصبية المنفلتين الذين يتجاوزون الخطوط الحمراء بعبارات لا تغتفر وأسلوب يصنع قطيعة رسمية ويولد غبناً متوارثاً ويخلق جفوة شعبية..!
)5(
* مصر یا أخت بلادي یا شقیقة.. یا ریاضاً عذبة النبع وریقة.. یا )حقیقة(..!