سعدت أيما سعادة بالخبر الذي أوردته هذه الصحيفة أمس، عن عودة الفنان الكبير “أبو عركي البخيت” للغناء، وسعادتي بعودة “أبو عركي” أسبابها عديدة حداً يجعلني أحتفي بها بشكل خاص، أولها أن الساحة الفنية الآن تكاد تكون خالية من جيل الكبار الذين أصلوا لعراقة المفردة الغنائية السودانية والذين جملوا دواخلنا بأغنيات عاطرات نتنفسها كما الهواء، و”أبو عركي” بالتأكيد على رأس هذه القائمة التي هي قائمة شرف بكل ما تحمل الكلمة من معاني، والسبب الثاني أن الساحة الفنية الآن تحتاج إلى رئة نظيفة كرئة “أبو عركي” تتنفس فناً جميلاً وراقياً ليساهم بوجوده في تشكيل ملامح مشهد فني يشكله الفنان المثقف الذي يعلم أن الفن رسالة وضريبة وليس مجرد وجود من غير هدف ومن غير معنى أو حضور مبني على نجاحات الصدفة التي تغازل الغرائز وتثير شهوات الشوف والسمع من أغنيات للأسف أصبحت مطلوبة ومرغوبة بفرض الأمر الواقع. والسبب الثالث أن “أبو عركي” طالت غيبته عن المشهد الغنائي بسبب موقف ومبدأ فكري وسياسي وفلسفي مبني على رؤية نضالية من حقه وحده أن يحدد شكلها وطريقة رسمها، وللأمانة اختط “أبو عركي” لنفسه خطاً محترماً في التعبير عن قضايا مجتمعه بلا تسويف أو مزايدة، وبالتالي فإن عودة “أبو عركي” فيها نفحة من عودة مناضل كبير إلى ساحة الحوار مع الآخر، مما يجعلنا نؤمل أن يعود للتغريد محلقاً بجناحيه حراً طليقاً كما أراد واشتهى، وسبب رابع يجعلني سعيدة بعوده الفنان “أبو عركي” أن الرجل يعود للغناء منتفضاً من تحت رماد أحزانه كما طير الفينيق، وهو قد فقد قبل شهور رفيقة دربه وتوأم روحه الراحلة الشفيفة دكتور “عفاف الصادق” عليها الرحمة، وحزن “أبو عركي” على “عفاف” لا يحسه إلا شخص مثلي مر بذات التجربة الأليمة والإحساس القاتل والحزن الذي يعتصر الضلوع وليس هناك أقسى ولا أصعب من أن تفقد فجأة حواسك وتصبح بلا ذوق ولا شم ولا سمع ولا بصر، ومطلوب منك أن تعيش وتتعايش، ومطلوب منك أن تبتسم وتصبح ودوداً وإنساناً عادياً كما كل البشر، وأنت مطعون بنصل حاد يخترق أحشاءك بلا رحمة وأنت تعاني من نزيف داخلي لا يشعر به أحد ولا يتخيل فداحته أحد سواك، لذلك احتفيت بشكل شخصي بعودة “أبو عركي” لأني أعلم أنه سيعود قوياً وقد جرب الانكسار وسينتصر بفنه ورسالته، لأنه تذوق طعم الهزيمة في لحظة من اللحظات، سيعود لينشر الفرح وهو من كاد أن يجعله الحزن شخصاً متلاشياً وجسداً بلا روح.
نعم أستاذنا “أبو عركي” أعلم أنه صعب أن تغني للحب وقلبك مطعون، وتغني للجمال وأيقونة الحسن والبهاء “عفاف” الرائعة بعيدة عنك جسداً، لكنها أقرب الناس إليك روحاً، واسألني أنا عن تلاقي الأرواح.
في كل الأحوال أتمنى أن يعود “أبو عركي” إلى مسرح الحياة ومسرح الغناء، لأن الحياة يجب أن تستمر بأمثاله من الذين يعلموننا المبادئ ويعلموننا الانحياز لشعبهم ويعلموننا كيف يكون الحزن النبيل.
{كلمة عزيزة
في كل بلاد العالم على الأقل التي أتاحت لنا الظروف زيارتها، تعتبر اللافتات الإعلانية الضخمة واحدة من الملامح الجمالية وتأخذ مكانها بنظام وتنسيق وجمال، إلا عندنا، حيث إنها مثال للفوضى والقبح وكل شركة ركبت ليها صاج حديد واعتبرته وجهاً إعلانياً، فشوهت المنظر العام الما ناقص أصلاً، لذلك أرجو أن يعيد الفريق “هاشم” والي الخرطوم، فتح هذا الملف مع معتمدي المحليات وأكيد ح يلاقي بلاوي زرقاء.
{كلمة أعز
لا زالت أزمة المواصلات تمثل بعبعاً لمواطن ولاية الخرطوم، ما لم تحل هذه الأزمة سنظل واقفين في محطة الفشل والتخلف والتراجع في مستوى أداء الأعمال والوظائف.