صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

يمين في شمال

12

صباحكم خير

د ناهد قرناص

يمين في شمال

اخوانا المصريين عندما تسالهم عن كيف الوصول الى مكان ما ..يقولون لك (هو مش بعيد من هنا ..بص حضرتك …تروح لآخر الشارع ..يقفل معاك ..بعدين يمين في شمال ..بس تلاقى نفسك في وش المكان اللي انت عايزه)..تتحرك حسب وصفه وتجد نفسك سائرا في طريق طويل جدا ..حتى يقفل الشارع معاك ..ومن ثم بعد ذلك تبدا رحلة (يمين في شمال ) حسب وصفه ..ربما حدثتك نفسك انه كان من الافضل ركوب تاكسي ..ذلك ان الرحلة اطول مما كنت تعتقد لكن فات اوان التراجع ..لذلك من الافضل ان (تاخد نفس طويل) وتكمل حتى تصل الى مقصدك.
عندما بدأت الثورة في ديسمبر ..لم تكن الطريق واضحة حينها ..كانت المظاهرت تبدا لتتفرق ..ومن ثم تبدأ مرة اخرى في مكان آخر ..تضخمت الجموع ..واتحدت المواكب ..وكان يوم 6 ابريل يوما فاصلا في الثورة حيث (قفل معانا الشارع)..حينها ظننا ان المقصد قريب ..وان الرحلة شارفت على النهاية ..احتفلنا وهللنا ..لكن اتضح اننا لازلنا في البداية …وان هدفنا في نهاية درب يمين في شمال ..لم يكن الدرب ممهدا ..كان طريقا وعرا فقدنا خلاله اعزاء ارتقوا شهداء ..ولازال بعضهم يتعافي من آثار المشي في طريق الحرية ..لكننا تعلمنا الكثير اثناء سيرنا ..علمنا ان الميزانية الضخمة التي كانت تذهب للسلاح والامن ..كانت وبالا علينا نحن ..فقد مات اولادنا برصاص دفعنا ثمنه من ضرائبنا ..والجيش الذي كنا نغني له الحارس مالنا ودمنا ..اتضح انه يحرس دماء واموال اناس بعينهم ..فالقصة لم تكن انحيازا لثورة الشعب ..لكن كانت الفرصة التي اتت لهم على طبق من ذهب للخروج باقل الخسائر…تساقط الكثيرون اثناء الرحلة ..بعضهم قصير النفس ..آثر النكوص ..بعضهم لم يكن اصلا ينوى المسير ..اتت به الصدفة واكتشف ان طريقه غير ..فاراح واستراح ..وكلما توغلنا اكثر ..سيصقل المشي ثورتنا ..وستتمايز الصفوف ..ولن يصل في النهاية الا من كان قلبه معلق بهذا الوطن.
الغد (30 يونيو) ..ليس هو سدرة المنتهى ..لكنه نقطة فارقة ومهمة في طريقنا ..الخروج للمطالبة بالدولة المدنية ..دولة الحرية والكرامة والسلام والعدالة ..فرض عين على كل سوداني وسودانية قادرعلى الخروج بأي وسيلة ..لا تتوانى في الخروج والتعبير عن رأيك بوضوح وبصوت عال ..الثورة التي بدأناها في ديسمبر لن تتخلى عن مبدأ السلمية الذي كان شعارها منذ البداية ..لذلك لا أرى معنى لاعلان المجلس العسكري انه سيحمي مواكب المليونية (اذا كانت سليمة ) ..من اين ياتي المواطنون بالسلاح ؟ السلاح عندكم يا سادة..فقد كانت الدولة تشتري السلاح عوضا عن الدواء وتصرف على الامن بدلا عن الصرف على التعليم ..الا اذا كنتم تعدون الهتافات قنابل ..والاهازيج رصاصا ..هذه هي اسلحتنا ..فيما عدا ذلك ..نحن مواطنون عزل ..نحترم القانون ومسيرتنا تحافظ على البيئة والطرق ..وفوق هذا وذاك ..انها مسيرة حداد على شهداء الوطن وعزاء لاهاليهم الذين انقلب عيدهم حزنا وغضبا ..غدا سيتابع العالم اضخم مسيرة ..تضم كل اطياف الشعب السوداني ..ربما حينها يصل المجلس الى قناعة ..ان هذا الشعب عزم على الوصول الى نهاية المطاف ..ولن يجدي معه امور (الجرجرة ) .. والمليونية غدا ستعقبها اخريات واخريات ..حتى نصل نهاية طريق يمين في شمال ..ولو كنت في مكان المجلس كنت (اخدها من قصيرها ) وعملت تسليم وتسلم في اقرب وقت لحكومة مدنية ..فقد قيل قديما ..(لا تدخل في عراك مع ذلك الذي ليس لديه شئ ليخسره ) ..
الجريدة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد