> قبل ان اعقب على طلبات مالك عقار الغريبة لتحقيق السلام، اود ان انبه دكتور حمدوك الى مقولة وزير الخارجية الامريكي الاشهر هنري كيسنجر للرئيس السادات خلال مفاوضات كامب ديفيد فقد قال الرجل: (إن امريكا لا تدفع ثمن ما يهدى اليها)!
> اقول منبهاً د.حمدوك الى أن فن التفاوض يقتضي أن يزن المفاوض كلماته بماء الذهب، بل بما هو ادق.
> اقول هذا بين يدي ما نسب الى حمدوك الذي قال لقناة الحدث : (ليس لدينا سقف لدفع فاتورة واستحقاقات السلام واي متطلب يساعد على انهاء الحرب لن نتأخر) في الأخذ به!
> عبارة كبيرة مثل هذه اخي حمدوك من شأنها ان تعلي سقوفات مفاوضي الحركات المسلحة وترفعها الى عنان السماء بما يؤدي الى ظلم فادح واختلال كبير في هيكلة الدولة السودانية، بل الى تهديد الوحدة الوطنية سيما وأن بعض الحركات المسلحة ظلت ولا تزال تطالب بالمستحيل وما (مستر نو) عبد الواحد محمد نور عنا ببعيد!
> عبارة (ليس لدينا سقف) تحمل في طياتها رسالة للاطراف الاخرى انه بمقدورهم تجاوز الخطوط الحمراء، بل وطلب تقرير المصير او قل الانفصال (عدييييل كده) او منحهم نصف مقاعد الهيئة التشريعية او حكم كل ولايات السودان!
> لذلك وغيره اوصي حكامنا الجدد من اعضاء مجلسي السيادة والوزراء خاصة (المسطحين) منهم وما اكثرهم، من الذين (ورمونا) بتصريحاتهم (الشتراء) أن يتحلوا بالمقولة الذهبية :(انت ملك الكلمة التي لم تقل فاذا قلتها ملكتك) وليت حمدوك يخضع وزراءه من (ناس سنة اولى سياسة) لدورات تدريبية حول القضايا والمعلومات السياسية والقانونية التي يحتاجون اليها خلال ممارستهم لسلطاتهم الجديدة.
> اعود لتصريحات مالك عقار الذي طالب بالحكم الذاتي لكل اقاليم السودان وبصفة خاصة لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق اللتين قال عنهما إن اهلهما ينبغي ان يمنحوا صلاحيات تشريعية واسعة (ليتمكنوا من ادارة انفسهم بشكل كامل) في اطار وجودهم داخل الدولة السودانية!
> ظللت اقول إن عقار وعرمان لم يعد لهما وجود او قوة عسكرية تذكر بعد أن طردا من جنوب كردفان جراء الانقلاب الذي قام به عبد العزيز الحلو عليهما من خلال مجلس تحرير جبال النوبة والذي سيطر به على الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) وللاسف الشديد فقد خلا الجو للرجلين بعد الفراغ السياسي الكبير الذي نشأ بعد الثورة ليحشرا نفسيهما في الجبهة الثورية مع الفصائل الدارفورية التي منحتهما قوتها بعد أن كانا نسياً منسياً وبعد أن باتا هائمين على وجهيهما في العواصم الغربية التي ادركت عزلتهما ووضعتهما في سلة المهملات!
> للاسف فإن السودان يدفع ثمن قلة خبرة مجلسيه السيادي والتنفيذي خاصة منصب وزيرة الخارجية التي كانت من اكبر (دقسات) حمدوك وقد وجدت دولة الجنوب فرصة مواتية لدعم حلفائها من الحركات المسلحة سواء الدارفورية او في المنطقتين، سيما وأن قيادات قطاع الشمال في فصيلي الحلو وعقار كانوا ولا يزالون قادة (كوماندرز) في الجيش الشعبي لتحرير السودان منذ ايام الفرقتين التاسعة والعاشرة اللتين كانتا تقاتلان القوات المسلحة السودانية الى جانب قرنق ولا ينبغي أن ينسى حكامنا الجدد أن كل جوارنا يسعى الى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية على حساب دولتنا المأزومة التي فتحت الباب على مصراعيه لكل من هب ودب ليحصل على موطئ قدم بين القوى السياسية المتهافتة على استرضاء الخارج المتربص او في هياكل الدولة السودانية ولا اجد ما هو اخطر على امننا القومي من احصنة طروادة الذين سيسددون فواتير الخدمات والمعونات والهبات التي تبذل لهم من دول الجوار!
> اعجب من تهافت وصراع مجلس السيادة ومجلس الوزراء على ملف التفاوض بالرغم من انه وفقاً للوثيقة الدستورية ينبغي أن تتولاه مفوضية السلام التي لم تشكل حتى الآن فهلا التفت حمدوك الى هذا الامر واسند الامر الى المفوضية المختصة بعد تكوينها من كفاءات غاصت من قديم في تلافيف التفاوض بدون ادنى حساسية من انتماءاتهم السياسية والحزبية فهم – في الآخر – سودانيون يفترض انهم اقرب اليه من الوسطاء الاجانب من الاثيوبيين او الجنوبيين او جماعة الاتحاد الافريقي او العرب العاربة والمستعربة او الخواجات الذين ظلوا يسرحون ويمرحون في شأن السودان وكأنهم مستعمروه!
> أقول متحسراً على اوضاعنا الدستورية الهشة: (يا حليل) الوثيقة الدستورية التي ظلت (ملطشة) تزور حيناً ويتم تجاهلها وتجاوزها في احايين اخرى بالرغم من أنها الدستور الذي اقسم المجلسان على التقيد والالتزام به!
> على كل حال فإن التسريبات التي نشرت للاتفاق الموقع،إن صحت، ستكون كارثية لأنها تمهد للمخطط الامريكي القديم لتقسيم السودان الى خمس دول ذلك أن الاتفاق يكرس الحكم الذاتي الاقرب الى الانفصال مع قصر الوظائف حتى الدرجة الخامسة على ابناء الولايات المعبر عنها من خلال الحركات المسلحة، بما يمهد للانفصال الذي اكاد اراه رأي العين!
> اقول في الختام: (اللـه يكضب الشينة)!