تنامى الأمل مجدداً بعد سقوط البشير حول سحب إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ويعلق الكثيرون آمالهم على قرار أمريكي بشطب إسم السودان وهي جهود دبلوماسية وسياسية حثيثة بدأها نظام البشير في سنواته الأخيرة ولم تنتهِ إلى غاياتها.. خلصت المرحلة الأولى منها إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة بواسطة الولايات المتحدة.
الآن وقد سقط النظام الذي صُنف السودان في عهده ودخل القائمة السوداء، فالطبيعي أن يُشطب إسم السودان دون جهود حثيثة، لكن هو حال الولايات المتحدة وهي سياستها ولن تتغير.
رفع العقوبات الاقتصادية وشطب إسم السودان من القائمة السوداء كان ينبغي أن يتم بعد التسوية التي أطرت لها اتفاقية نيفاشا 2005 ومهدت بفصل جنوب السودان، وهذه لم تكن مجرد تسوية سياسية دولية كانت أقرب لعملية (بيع وشراء) لكن السودان باع ولم يقبض الثمن إلا ابتزازاً مستمراً.
وظل نظام الإسلاميين عبر أجهزته يتعاون بسخاء في هذا الملف بإقرار الأمريكيين أنفسهم وبما كشفته بعض الوثائق والمعلومات لكن رغم ذلك ظل السودان راعياً للإرهاب، والمعيار الأمريكي ليس هو المعيار الذي يعتبره الآخرون صحيحاً فلكل معياره.
الجهد الذي بذله النظام البائد لأجل الحصول على قرار أمريكي برفع العقوبات لو بذله ووجهه نحو تقوية الاقتصاد ورفع وتيرة الإنتاج لما احتاج لإزالة إسمه من القائمة الأمريكية.. وفعلياً صدر القرار الأمريكي برفع العقوبات، لكن هل تغيّر الحال، السودان بعد رفع العقوبات الأمريكية وجد نفسه أمام العقوبات الوطنية وهي أشد وأعنف.
بالتالي.. التعويل وتوجيه كل الجهود نحو شطب إسم السودان من قائمة الإرهاب لن يقودنا إلى النتائج المطلوبة ما لم نوجه هذا الجهد نحو الداخل، نحو بناء اقتصاد ثابت وقوي يعتمد الإنتاج لا الجمارك والضرائب والجبايات.
ولماذا نذهب بعيداً.. حينما كان الدولار يساوي جنيهين كانت العقوبات الأمريكية مفروضة علينا وكان الاقتصاد أفضل من اليوم بكثير، الآن رُفعت العقوبات بينما الدولار يساوي 65 جنيهاً، فهل أثّر رفع العقوبات في شيء.
نحن بحاجة إلى أن نُغيّر اتجاهات أفكارنا نحو ما يفيد وما لا يفيد.. بالضرورة أن إزالة إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مكسب سياسي كبير وسوف يفتح باباً جديداً في التعاون الدولي، لكن المحك في الداخل، وحتى لا تصبح الحكومة عرضة للابتزاز الأمريكي نحتاج توجيه الجهود والعمل نحو الداخل، الاقتصاد والسلام، حينها سوف لن نحتاج كثير عناء.
التيار