(1)
وما أحلى الفَتّة عندما تكون حارّة, فهي تُساعد على الالتهام وتُساعد على تجاوز التّفاصيل الصغيرة من بهاراتٍ وشَطّةٍ والذي منه، كما أنّها سريعة الهضم، وفوق هذا وذاك ففي تَعاطيها شَيءٌ من الجَسَارة، وقديماً قال الهمبّاتي (باكل حارّة ما أضوق باردة…)!
(2)
انقطاع خدمة الشبكة العكنبوتية حرمنا من تَعاطي الفَتّة الحَارّة، ليس هذا فحسب، بل جَعَلَ الرّصيد يفيض عن الحاجة، فالحاجات المُحتجزة مَا (تَدِّيك الدَّرب)، لذلك دعونا اليوم نَمُر عليها برأس الأصابع وإن أمدّ الله في الآجال سوف نعود إليها مُفصّلةً، فهي تحتاج لتفكيك لا بل شرشحة!
(3)
آخر مؤتمر صحفي للسّيّد معتز موسى رئيس الوزراء، قال فيه إنّ الحكومة شَغّالة بالكسر فيما يتعلّق بالبترول، فهي تشتري السفينة بأربعين مليون دولار وتبيعها بأربعة ملايين دولار (الكتررررابة)، والبتعامل بالكسر مصيره سجن الهدى أو كما قال! أمّا آخر لقاء صحفي للسّيّد صلاح قوش مدير جهاز الأمن والاستخبارات، فقال فيه إنّ تُجّار البترول عَادَةً ما يَربحون في السفينة 200 ألف دولار، إلا الذين يبيعون للسودان، فالواحد منهم قد يصل ربحه إلى سبعة ملايين دولار (الكَتلة!)، الذي بين الأقواس من عندنا وليس من عند السّيدين، تمنّينا لو أنّ هذه المعلومات قِيلت في غير وقت الأزمة ليقول الآخرون ما عندهم وتُعرض كل الأمور على بلاطة، ولكن الحكومة اختارت إدارة الشؤون الماليّة بطريقةٍ مَاسونيةٍ لحاجة في نفسها، فحَدَثَ مَا حَدَثَ عليه.
نُطالب الحكومة بأن تقول كُلّ مَا عندها، ثُمّ تسمع من الشعب كُلّ مَا عنده، ولكي تظهر كل البلاوي، ومن ثَمّ تبدأ المُعالجة مَهمَا كانت مُرّة، ولكن تتكـلّم وحدها وتعالج وحدها على طريقة (الفول فولي) فهذا أمرٌ مَرفوضٌ!
(4)
عندما تظهر هبة شعبية أو انتفاضة، لا بل حتى بداية ثورة، كَانَ النّاس يقولون كَرْكَبَت، فيقال لك الجامعة كَرْكَبَت والحصاحيصا كَرْكَبَت.. أمّا هَذه الأيام فيستخدم الناس كلمة (كَتَمَت)، فيُقال القضارف كَتَمَت وجامعة سنار كَتَمَت.. لقد حلّت الكتمة محل الكركبة.. فيا ربي هَل التغيير في الألفاظ أم أنّ هناك تَغييراً موضوعياً قد حَدَثَ؟! على العُمُوم الكركبة أحسن كثيراً من الكَتْمَة، فالكَرْكَبَة تعني التفكيك والشئ عندما يُفكك، من السُّهولة إعادة تركيبه، أمّا الكَتْمَة فتعني انقطاع النفس والاختناق ومن ثَمّ خُروج الروح.
(5)
كانت الرغيفة في يوم من الأيام أقرب إلى الفاكهة، إذ قال فيها الحلمنتيشي المصري (عض قلبي ولا تعض رغيفي ** إنّ قلبي على الرغيف ضَعيفٌ)، ولكن بعملٍ طَويلٍ ودؤوب ومُنظّم، استطاعت الرغيفة أن تزيح كل الذي أمَامها وتَصبح قُوتاً رئيسياً أبعد ما يكون عن التّفكُّه عليه.. لو أراد الناس الرجوع إلى ما قبل عهد الرغيفة ينتظرهم عملٌ طويلٌ وشاقٌ.. فالحكاية ليست أخنق فطِّس ثُمّ أكتم..!
وإلى أن نلتقي إن شاء الله.