:: توضيحا لما يحدث، أكد مكتب رئيس الوزراء محمد طاهر إيلا بأن إعفاء بعض مديري المؤسسات كان للحد من خسائر المؤسسات، ثم التزاماً بالمؤسسية وقوانين الخدمة المدنية، وخاصة أن مخصصات بعضهم كانت تصرف بلوائح خاصة، ولا تخضع لقانون الخدمة المدنية.. ثم أعلن المكتب استمرار الإجراءات الإصلاحية ومراجعة الوحدات والشركات والهيئات والمفوضيات والصناديق وقوانينها، لإزالة )التشوهات(، وحتى تمارس الوزارات سلطاتها وصلاحياتها كما يجب.
:: شكرا، ولكن حل المؤسسات والصناديق أو إعفاء من كانوا على صدرها جاثمين ليس حلا ناجعا ولا علاجا جذريا لفساد المفسدين وفشل الفاشلين.. فالحل الجذري والعلاج الناجع في المساءلة والمراجعة الشاملة قبل إصدار القرار ضدهم، بحيث يكون القرار بالإعفاء ثم المحاسبة أو بالإبقاء ثم الدعم.. ولكن إعفاء الفاسد والفاشل بلا محاسبة نوع من تشجيع الفساد والفشل.. والمال العام يجب ألا يكون مثل )قدح المسيد(.
:: وعلى سبيل المثال، لم تكتمل سعادة الناس بقرار بإعفاء الفكي محمد جيب الله محمد صالح من وظيفة مفوض عام الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي، ولن تكتمل إلا بحل هذا الجهاز وصندوقه أو إلزامهما بما يجب الاستثمار فيه، مع حفظ وحماية حقوق العاملين والمعاشيين.. نعم أموال صندوق الضمان الاجتماعي هي في الأصل استقطاعات شهرية من مرتبات العاملين في القطاعين العام والخاص، ولكنها – بسوء الإدارة – أموال )سايبة(.
:: وقبل أشهر قلت إن الجهة الوحيدة المستفيدة من رفع سن المعاش – إلى 65 عاما – هي خازوق العصر الذي ينزع أموال الناس – من مؤسساتهم – بغرض حفظها وتنميتها، ثم يتاجر بها في أسواق الأراضي والعقار لحد الربح الفاحش، ثم يسلم الناس أصول أموالهم )بلا أرباح(، وأحياناً بعد الخصم من الأصول، أو هكذا يعمل صندوق الضمان الاجتماعي.. ومن المعيب ألا يكون للعامل نصيب من أرباح أمواله، ومن الظلم ألا يحمي القانون أرباح أموال العاملين.
::فالكتلة النقدية لهذا الصندوق ضخمة، ومقدرة بـ)أربعة تريلون جنيه(، ولكن لعجز العقول عن الاستثمار في الزراعة والصناعة، فإن )80%( من تلك الكتلة مجمدة في أوراق مالية وسندات وأراضي وغيرها من الأنشطة الطفيلية التي من شاكلة المخططات السكنية التي تشكل ما يقارب )75%( من استثماراته.. أما المسماة باستثمارات جهاز الضمان، فهي التهلكة ذاتها.. يملك أو يساهم في أكثر من )30 شركة(، السواد الأعظم منها خاسرة.
:: وعلى سبيل الخسائر، ما سموه بتشغيل مستشفى مروي الدولي، بحيث عجز الصندوق عن تشغيل المستشفى، بعد أن دفع المليارات خصماً من أموال العمال.. علما بأن مستشفى مروي الدولي من كوارث وحدة السدود التي كانت )دولة جوة دولة(.. اكتمل المستشفى – قبل عقد ونيف – بتكلفة مقدارها ) 82.257.9 74.43 جنيه(.. ومع ذلك، ما يزال هذا المرفق مجرد مبانٍ ومعدات مُعطلة.
:: ثم مصنع سكر النيل الأبيض، شركة مزن السياحية، مصنع التكامل للإسمنت، وكثيرة هي مليارات الناس التي تم إهدارها في مشاريع فاشلة.. علما بأن خازوق العصر – صندوق الضمان – لم يُشيد مدرسة لأبناء العاملين، ولا مستشفى للمعاشيين مجاناً أو بنصف القيمة.. وكما لم يرزع فدانا من القمح لم يؤسس مطحنا للدقيق، ولم يستورد أو يصنع )بندولا(، ولم يساهم بدينار في الدخل الشهري لمعاشي أو عامل من خلال أي مشروع ناجح.. وكأن ريع الأنشطة الطفيلية فقط لمرتبات ونثريات العاملين عليه.