أكد ناظر الهدندوة محمد الأمين تِرك، رفضهم القاطع لمسار الشرق في مفاوضات جوبا، قاطعاً بتمسكهم بتجميد التفاوض في هذا المسار لعدم اعترافهم بمن يفاوضون باسم الإقليم، منوهاً إلى أن الحكومة وفي الوقت الذي تريد إلغاء وجود المؤتمر الوطني فإنها تفاوض عدداً من منسوبيه في جوبا .
معتبراً إصرار الحكومة على مسار الشرق، أمراً من شأنه أن يعيد الحرب مجدداً إلى الإقليم بشكل أكثر شراسة، وفي المساحة التالية نستعرض إفاداته على أسئلتنا:ـ
] أعلنتم رفضكم القاطع لمسار الشرق في منبر جوبا وتمسككم باتفاقية الشرق رغم انتهاء أمدها ؟
– في البدء لا بد من التأكيد على ان منبر جوبا التفاوضي يهدف في المقام الاول الى إحلال السلام وبسط العدالة في كافة ارجاء البلاد، وهو من ناحية اخرى يؤكد على وجود حوار من اجل ايجاد حلول لقضايا الوطن، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا، من الذي دعا الى مناقشة قضايا الشرق في هذا المنبر، الاجابة يوضحها موقفنا في كتلة شرق السودان التي لم تتم استشارتها ولا افادتها، علماً ان رأينا كما هو معروف اننا نتمسك باتفاقية الشرق التي تم ابرامها في اسمرا عام 2006 لتكون اساساً وقاعدة لمناقشة قضايا الاقليم .
] معذرة.. لكن هذه الاتفاقية انتهى أمدها كما أنها لم تُسهم في تغيير الواقع بالإقليم بمعنى أنها فشلت ؟
– الاتفاقية لم يتم تنفيذ ما تضمنته من برتكولات وهذه حقيقية ولنا رأي صريح فيها بانها لم تلبِ طموحات المواطنين لجهة عدم ايفاء النظام السابق بما عليه من تعهدات مالية، والاتفاقية رغم انها لم تلامس عصب كل قضايانا غير انه كان معترفاً بها، كما انها اسهمت في ايقاف صوت البندقية، ورغم كل ذلك كانت رؤيتنا تذهب في اتجاه ان نجعل هذه الاتفاقية مرتكزاً للحوار حول قضايا الاقليم لاكمال النواقص وتغطية الجوانب التي لم يتم تنفيذها، وهذه الاتفاقية تم ابرامها بين حكومة السودان وجبهة الشرق والدولة السودانية رغم تغيير النظام موجودة وهذا يعني الحرص على الاتفاقية وعدم فتح مسار جديد في جوبا .
] في جوبا أيضاً فإن المفاوضين في مسار الشرق هم أبناء الإقليم وطرحوا ذات قضايا اتفاقية الشرق ؟
– من يفاوضون حالياً باسم الشرق في جوبا غير معروفين لاهل الشرق، وحسب معرفتنا البسيطة فان المواطنين يرددون ان من زار كسلا والبحر الاحمر اخيراً كان من ابرز قيادات المؤتمر الوطني في محلية بورتسودان، هكذا يرددون وانا شخصياً ليس لدي معرفة به، كما انه يوجد قيادي اخر في منبر جوبا متحدث باسم الشرق كان نائباً برلمانياً في المجلس الوطني ممثلاً للمؤتمر الوطني، فكيف يكون هؤلاء وغيرهم ممثلين للكفاح المسلح وهم كانوا جزءاً من النظام السابق .
] ولكن هؤلاء الذين تجردهم من صفة النضال والكفاح من أجل الإقليم ظلوا يعارضون الإنقاذ حتى سقوطها ؟
– في شرق السودان منذ توقيع اتفاقية اسمرا لم يتم اطلاق رصاصة واحدة، وهذا يعني عدم وجود حركات كفاح مسلح وعلى ارض الواقع لا وجود لها، وهذه الحقيقة توضح ان الذين يتحدثون باسم الاقليم لم يقاتلوا من اجل قضايا المواطن فكيف يأخذون صفة المعارضة المسلحة، هم لا يمثلون الاقليم ولا اعتقد ان موقف الحكومة الانتقالية صائب وهي تعتمدهم ممثلين للشرق في التفاوض .
] هم جزء من التغيير الذي حدث في البلاد ولا يمكن سلبهم هذا الحق؟
– هم لا يمثلون الشرق.. واذا اصرت الحكومة على ان يمضي مسار شرق السودان في مفاوضات جوبا كما يحدث فهذا يعني اهمال للشرق ومن شأنه ان يعيد الحرب وبشراسة وقوة الى الاقليم، لان الاصرار على سير المفاوضات بشكلها الراهن يعني ان الحكومة الانتقالية تتعمد تهميش اقليم كامل.
] الذين يفاوضون في جوبا هم من أبناء الشرق ولا يمكن إغفال هذه الحقيقة ومنهم أسامة سعيد والأمين داؤود وزينب كباشي؟
– انا اعرف زينب كباشي وهي ابنة زعيم معروف في الشرق، ولكن اعتقد انها او نحن وموسى محمد احمد وغيرنا من قيادات نعتقد ان اولادنا الذين يفاوضون باسمنا كان يجب عليهم منذ البداية ان يفتحوا خطوط التواصل مع مكونات الاقليم السياسية والاجتماعية قبل المشاركة في منبر جوبا، حتى يحصلوا على التفويض الشعبي الذي يخول لهم ان يكونوا ممثلين للشرق واذا حققوا مكاسب تكون محل ترحاب .
] الأمين داؤود ذهب إلى كسلا والبحر الأحمر وعمل على التبشير بالمسار ولتلمس آراء الناس ؟
– نعم هو سجل زيارات الى كسلا والبحر الاحمر ولكن بكل امانة لم يكن يبشر بالسلام، كما انه لم يعمل على سماع الاراء وكان حشده يعبر عن قبيلة واحدة ، وحتى التعبير في الحشود كان مثل دق طبول الحرب بحمل السيوف والخناجر وغيرها من اشكال التحدي، وللاسف فان الامين داؤود سقط في الامتحان لانه اذا حرص على ان يستقبله كل اهل الاقليم بمختلف مكوناتهم لكان افضل له ولكنه ضيق واسعاً، لذا فانه في نظر كثيرين لم يظهر بمظهر الرجل الذي يحظى بتأييد اهل الاقليم فقد ارتدى عباءة القبيلة، نحن نكن لقبيلته كل الاحترام ولكن في الشرق توجد الكثير من القوميات والقبائل التي تتجاوز العشرات وكان يجب عليه وعلى اللجنة المنظمة ان توجه لهم الدعوة حتى يخاطب الجميع بانه جاء من اجل كل الاقليم.
] كثير من القوميات كانت حضوراً في مواكب استقباله، ورغم ذلك تبقى الحقيقة أنه حالياً مفاوض باسم الإقليم وليس قبيلة محددة ؟
– لا.. الحقيقة توضح بجلاء انه يمثل إثنية واحدة في مفاوضات جوبا واذا كان الامر بخلاف ذلك لحرص على ان يستقبله الجميع وان يدلي بخطاباته الى كل اهل الاقليم وان يعمل على استشارتهم، لذا فهو حالياً لا يمثل كل اهل الشرق.
] الأمين داؤود لم يأتِ بجديد، ففي الشرق فإن رافعة السياسي وحاضنته هي قبيلته وموسى محمد أحمد ومبروك وآمنة نماذج؟
– نحن بوصفنا هدندوة نقول ان موسى محمد احمد زعيم وقائد نعترف به ولكن نقول ان الوظائف اعطاها لاخرين بعيداً عن القبيلة، فكل الوزراء والمعتمدين الذين شاركوا الانقاذ لم يكونوا هدندوة وتمثيلنا كان صفر في المئة وربما واحد في المائة في احسن حال، لذا كنا نريد من الامين داؤود ان يعمل على التواصل مع الجميع، وهنا لا بد من الاشارة الى ان مناطقنا لا تزال متأثرة بالحرب في الشرق وتوجد مقابر جماعية توضح الفاتورة الباهظة التي دفعناها بسبب الحرب لذا كان على الذين يقفون وراء منبر جوبا ان يكونوا منصفين باشراك الجميع في التفاوض.
] تحالفكم الذي نشأ أخيراً يعتبره كثيرون أنه إثني وليس سياسياً وأنه ضد اثنين من مكونات الإقليم ألا يعتبر هذا الأمر بمثابة شق صف وحدة الشرق؟
– تحالفنا نشأ لاجل اهداف اجتماعية وليست سياسية، وسبب خروجه الى الوجود السيطرة على مشكلة الانفلاتات والحرب القبلية التي ظهرت في بورتسودان ،وعملنا على تكوين مجلس قوي لتوجيه كل شيء في مساره الصحيح حتى لا يتحدث احد خارج عن هذا الحلف ويكون سبباً في تأجيج الصراعات، وهدفه الاساسي التعايش السلمي كما انه يهتم بالقضايا المصيرية، واعتقد ان العدالة هي التي تحقق السلم الاجتماعي ونعتبر ان العدالة غائبة في الشرق منذ العام 1996 الذي شهد اختيار الولاة للولايات .
] نرجو التفسير أكثر؟
– نعم.. العدالة انتفت منذ ذلك الوقت حينما اراد المؤتمر الوطني كسب المزيد من القواعد على حساب الثوابت والتاريخ في التمثيل، فمنذ حكومة الصادق المهدي الاولى ومجلس الشعب القومي والجمعية التأسيسية وحتى عهد الانقاذ الاول كانت تظهر خارطة ثابتة للاختيار للحكم لانها توضح حجم تمثيل كل قبيلة على مستوى الدوائر والنواب، ونعتقد انه حدث انقلاب على هذه الثوابت وهذا جعل العدالة تنتفي وبات التمثيل غير عادل والحكومة اذا ارادت استقرار الشرق وان يكون جزءاً آمناً من البلاد فلا بد من تنفيذ النقاط الاربع التي وردت في القلد.
] لأول مرة تحمل اتفاقية قلد بنوداً سياسية ؟
– لا.. هذا لم يحدث، والبعض يتحدث عن ادراجنا اتفاقية الشرق في القلد وهذا غير صحيح وحديث عار تماماً من الحقيقة ويمكنكم العودة الى الاتفاق، وسبق ان تقدمنا بمذكرة الى رئيس مجلس الوزراء وكذلك قدمنا وثيقة القلد الى المجلس السيادي والوزراء الذين حضروا الصلح الاخير، وهنا اشير الى ان الوثيقة السياسية كانت تطالب بمنح الاقليم تمييزاً ايجابياً في الوظائف والمناصب الدستورية وان تظل اتفاقية الشرق بالاضافة الى منح الاقليم منبراً منفصلاً، اما وثيقة القلد فلم تحوِ اي مطلب سياسي رغم ان السبب الذي ازهقت بسببه ارواح طاهرة اخيراً كان سياسياً، وتمثل في استقبال الامين داؤود ،وللاسف فان ما حدث اوضح ان سياسياً واحداً يريد جر قبيلته الى مواجهات مع الاخرين من اجل تحقيق اهداف محددة وهذا هو الامر الذي نرفضه، ورغم ذلك عملنا على احتواء ما حدث ونشكر المجلس السيادي ومجلس الوزراء وحكومة البحر الاحمر لإخماد الفتنة.
] بالعودة إلى منبر جوبا، ماذا إن حقق مكاسب للإقليم ؟
– ما يهمنا في المقام الاول ان نحافظ على سيادتنا وهي تأتي على رأس اولوياتنا، بل نعتبرها اهم من المكاسب التي تتحق في منبر جوبا، فالانسان يمكنه ان يعيش في وطنه وهو يفتقد للخدمات وابسط المقومات ولكن حينما يشعر بسيادته فانه يعيش معززاً ومكرماً .
] ماذا تعني بالسيادة؟
– اعني ان المكونات الرئيسية في الاقليم التي قاتلت طوال السنوات الماضية، كان يجب ان تكون حضوراً في المفاوضات ،ولا نعتبر ان حزب مؤتمر البجا المسلح ممثلاً للاقليم لان من يقوده كان عضواً بالمجلس الوطني حتى اندلاع الثورة ، لذا اعتقد انه يوجد ارتباك من جانب الحكومة التي تعمل على ازالة المؤتمر الوطني عن الوجود وفي ذات الوقت تحرص على مفاوضة قيادات بهذا الحزب في منبر جوبا، وفي تقديرنا انه وفي ظل اعتراف الحكومة باتفاقية الشرق كان يجب ان يكون مبروك وموسى وامنة جزءاً من منبر جوبا.
] هؤلاء كانوا في النظام السابق ؟
– اعلم ذلك، اذا النظام السابق حرص على السلام فهذا امر جيد، ولكن كان على النظام الجديد ان يعمل على الجلوس مع قيادات الشرق المعروفة التي حققت للاقليم الكثير من المكاسب .
] ولكن الذين في الحرية والتغيير جزء منهم «أولادكم»؟
– لا نقول انهم ليسوا اولادنا، لكن نحن على ثقة ان الحلو وعقار وعرمان ومناوي وجبريل قد خاطبوا حواضنهم الاجتماعية والسياسية بخصوص المفاوضات ،وهذا لم يفعله اولادنا ،كما ان المنطقتين وفي مناقشة قضاياها ترتكز بشكل مباشر على اتفاقية نيفاشا التي لا يمكن ان تسقط بل سيتم اكمالها لذا هو الذي نطالب به نحن فيما يتعلق باتفاقية شرق السودان ،ومثلما يطالبون هم بالحكم الذاتي والمنبر المنفصل فاننا ننشد هذه المطالب ،لذا اعتقد ان القضايا المصيرية التي تهم الاقاليم يجب التعامل معها بجدية والان تدعي الحكومة بان اولادنا موجودون في التفاوض، فنقول لها ان هذه ليست وليمة بل امر جاد يستوجب مشاركة كل اهل الاقليم بالرأي.
] هل تعني بحديثك هذا تجميد مفاوضات شرق السودان في منبر جوبا؟
– نعم.. دفعنا بمذكرة الى الحكومة بهذا الخصوص لتجميد المسار ومن ثم عقد مؤتمر تداولي لاهل شرق السودان الذي يختار مفاوضيه والقضايا المراد مناقاشتها ، وعدم تنفيذ هذه المطالب الموضوعية اعتبره استخفافاً باهل الشرق من قبل الحكومة وقد يكون الرد على ذلك غير محمود لأننا لا نقبل هذا الأمر .
] المفاوضات في جوبا بدأت ولا تزالون تتمسكون برفضكم لفتح مسار الشرق ، ماهو المطلوب ؟
– اذا مضت الدولة في طريقها ولم تكترث لمطلبنا الرامي الى تجميد مسار شرق السودان في مفاوضات جوبا، فان المخرج يتمثل في اتصالنا بالامم المتحدة والمنظمات الدولية لفصل المسار وستكون هناك حشود ضخمة للمطالبة بالانصات لنا وتحقيق مطالبنا.
] ولكن ألا تعتقد أن هذا من شأنه شق صف الشرق؟
– اذا واصلت حكومة التغيير في الاستخفاف بنا وعدم النظر الى مطالبنا بوصفنا اصحاب حق، فبكل تأكيد سنسعى للانتصار لحقوقنا، لدينا تاريخ كبير وعريق ولا يمكن ان تمنحنا عطايا تتكرم بها، يجب ان نقرر قضايانا بانفسنا ولن نقبل ان تفرض علينا مفاوضين باسمنا ونحن لن ننقاد لمن لا يمثلنا، وصوتنا سيصل الى كل الجهات الخارجية، ولتفعل الحكومة بعد ذلك ما تريد حتى لو عملت على شن الحرب علينا، نحن أحرار وسنظل كذلك ومن حقنا أن نقود أنفسنا.