عماد الدين عمر الحسن
من قتل الشهيد احمد الخير ..؟؟
جموع غفيرة تابعت بكل إهتمام وقائع الجلسة الختامية لمحاكمة قتلة الشهيد الاستاذ احمد الخير عليه رحمة الله ، حيث توافد الالاف منذ الصباح الباكر الي مباني المحكمه الجنائية بامدرمان بينما انتظر أضعافهم بالقرب من الشاشات لمتابعة تفاصيل الجلسة ، ولم يخذل القضاء السوداني أشواق الظامئين الي العدل من المنتظرين علي أرصفة الحرية التي سقوها بدماء أعز أبنائهم من الشباب صبرا وكفاحا وجهاد – فكان أن أصدر القاضي حكمه بالاعدام شنقا حتي الموت علي المجرمين الذين اشتركوا في قتل الشهيد ، وهو الحكم الذي أثلج الصدور وبث الطمأنينة في نفوس المخلصين من أبناء هذا الشعب الذي صبر علي الظلم كثيرا حتي نصره الله ، وأحيا الامل عند اسر الشهداء باقتراب ساعات القصاص ، فعمّت الفرحة كل من استمع الي الحكم وكل من نقل اليه فتعالت الهتافات : أن دم الشهيد ماراح .
كان القصاص هو غاية ما ينشده الشرفاء الذين انتظروا هذا الحكم طويلا ليس تشفيا في الجناة بل حفاظا علي حياة أبنائهم في المستقبل وتصديقا لقول الله أن لنا في القصاص حياة ، وهو مالابد أن ينتبه له كل العاملين في الأجهزة الأمنية وهم يؤدون مهامهم بالاّ طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وأنّ لكل منهم كفل من كل قطرة دم سالت من أبناء هذا الشعب الكريم .
كان القصاص انتصارا لروح الثورة وتمجيدا لذكري شهدائها الكرام ووعد بمستقبل زاهر تحل فيه العدالة والحرية والسلام مكان البطش والاستبداد والغرور الذي كان سمة العهد البائد البغيض .
كان هذا القصاص فقط من بعض الذين قتلوا الشهيد احمد الخير ، حيث لم يكن كل الجناة خلف القضبان عندما نطق القاضي حكمه هذا ، فهناك كثيرون شاركوا في هذه الجريمة وفي قتل باقي شهداء الثورة الكرام كل حسب منصبه ومسؤليته .
شارك في القتل كل من أصدر تعليماته بشكل مباشر بالتصدي للثوار بتلك الدرجات من العنف والتنكيل ، شارك في القتل ذلك الضابط ذوالرتبة الرفيعة وهو يعلن علي الملأ كذبا أن الشهيد قد مات بسبب التسمم وليس بالتعذيب ، شارك في القتل من قال أمام الناس أن كل من خرج الي الشارع سنقطع رأسه فقط أمهلونا سبعة أيام ، شارك في القتل كل من هتف لذلك الصعلوك وهو يصرّح بما سبق الله اكبر وهو يرفع سبابته الي السماء ، شارك في القتل من أصدر فتواه بجواز قتل ثلث الشعب ليحيا البقية في سلام ، شارك في القتل كل من رقص أمامه الرئيس في ساحة الحرية وهم يحتفلون ويهتفون : هي لله ، بينما أجهزة الامن تقتحم البيوت وتقتل الشباب في الشوارع وفي كل مكان ، شارك في القتل كل عضوية الحزب الفاسد الذي حكم البلاد بكل بطش واستبداد ولم ينكروا علي الظالمين ذلك الفساد ولم ينهوهم عنه ، شارك في القتل من غش الناس ورسخ عندهم مفهوم أن كل ذلك القتل والبطش يقربهم الي الله زلفي ويدخلهم الجنة من كل باب ، شارك في القتل كل من سكت عن الحق وناصر الطغاة وتقاعس عن نصرة المظلومين .
في الختام نقول أن هذا الحكم الذي صدر بانهاء حياة بعض الطغاة إنما هو بداية لحياة العدل ، وترسيخ لمبادئ دولة المدنية والقانون ، وهو بداية التطبيق الفعلي لكل مبادئ الثورة المجيدة ، وهو تحقيق لامنيات الشعب التي هتف بها في كل المواكب أيام الثورة : حرية ، سلام ، وعدالة..