الأستاذ ساطع الحاج من القيادات السياسية المثابرة على النضال لسنوات طويلة.. ودفع الثمن عمراً ثميناً وراء جدران السجون.. أمس قرأت له في الزميلة صحيفة (الإنتباهة) خبراً عن تعليق المفاوضات بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري لمدة 72 ساعة (تنتهي اليوم).. أثار دهشتي سطر واحد في الخبر.
ورد في ثنايا الخبر:
((وطالب ساطع بلجنة مشتركة فورية للتحقيق في مجزرة الثامن من رمضان.))
لجنة مشتركة!!! طبعا يقصد بكلمة (مشتركة) الطرفين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي!! يصبح السؤال: في ماذا إذاً التفاوض؟؟ فحسب علمي يفترض أن المفاوضات الجارية حالياً ستفضي في النهاية لتكوين ثلاثة مستويات حكم: سيادي، وتنفيذي، وتشريعي رقابي.. وتنتهي صلاحية (المجلس العسكري الانتقالي).. وربما اللجنة المفاوضة من قبل قوى الحرية والتغيير.. فكيف تنشأ لجنة مشتركة مع جسم عمره الافتراضي انتهى ويحل محله مجلس السيادة.. ومعلوم طبعاً أن مجلس السيادة في أفضل الحالات سيكون بأغلبية مدنية، هي ممثلة لقوى الحرية والتغيير، فكيف تكون لجنة (مشتركة)!!
ولا يبدو تصريح الأستاذ ساطع من بنات أفكاره .. فقد سمعت ابننا الدكتور محمد ناجي الأصم (هذا الشاب رجل دولة بامتياز) فجر الخميس الماضي يلقي بياناً باسم قوى الحرية والتغيير ذكر فيه نفس المطلب.. (تكوين لجنة تحقيق مشتركة)!!
لنفترض أن المجلس العسكري وافق على هذا الطلب وأعلن عن تكوين (لجنة تحقيق مشتركة) كم من الأيام، أو الأسابيع أو ربما الشهور تحتاجها اللجنة لتقصي وقائع ما حدث في ليل الثامن من رمضان؟ فهل سيظل المجلس العسكري حياً يرزق إلى حين انتهاء اللجنة من أعمالها ورفع تقريرها إليه؟ ألا يعني ذلك عملياً أن تسليم الإدارة المدنية للحكم يصبح مؤجلاً بحكم الأمر الواقع لأسابيع وربما شهور أخرى؟
من أول يوم بعد الإطاحة بالنظام البائد ظللت أكرر وأطلب من قوى التغيير أن (لا) تتقدم بطلبات إلى المجلس العسكري.. لأنه علاوة على تكريس الوضع القائم فالطلبات تمنح وتعزز شرعية استمرار المجلس العسكري الانتقالي.. بل وتمدد شرعيته علاوة على التنفيذية إلى سلطات تشريعية وأحياناً قضائية.. وفعلاً صار المجلس العسكري يعين ويقيل موظفين في أدنى الخدمة المدنية بنفس الروح التي يقيل بها رئيس القضاء ويعين آخر.. سلطات واسعة بدرجة مخيفة.. أهديت إليه بحكم (ما يطلبه المستمعون)!!
على كل حال، يفترض أن مدة تعليق المفاوضات انتهت اليوم، فأدعو الله أن تكون الجلسة القادمة هي آخر الجولات.. حتى تنتقل السلطة إلى الإدارة المدنية كاملة.. ويبدأ مشوار الألف ميل لتحقيق أحلام الشباب الذين ضحوا بأرواحهم من أجل بناء دولة حديثة.
انتهت (الحصة وطن) ودخلنا مرحلة (الحصة بناء وطن حديث)..!!