صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

مدير إعمار الشرق: أموال الصندوق تعرضت للهـــدر والتبـــديـد

25

أكد مدير صندوق إعمار شرق السودان اللواء حقوقي أبومحمد جعفر ونتك، أن الشرق ظل يتعرض لتهميش متعمد منذ الاستقلال، وقال إن هذا الوضع جعل أهل الإقليم مثل الأحياء الأموات، منوهاً إلى أن مشاريع لصندوق إعمار وتنمية الشرق شهدت تبديد المال العام، وذلك لعدم الاستفادة منها وتشييدها في مواقع غير مأهولة بالسكان، مرجعاً توقف مشاريع الصندوق إلى عدم إيفاء الحكومة السابقة بتعهدها بالمكون المحلي، نافياً أن يكون إنسان الشرق عنصرياً، وفي المساحة التالية نستعرض إجاباته على أسئلة “الانتباهة”:
* طلبت قبل أن نطرح عليك الأسئلة أن تتحدث عن الواقع العام بالبلاد، فتفضل؟
– في البدء نسأل الله العلي القدير التوفيق والسداد للحكومة الانتقالية لقيادة البلاد الى بر الامان وتحقيق احلام وطموحات المواطن الذي يعول عليها كثيراً في تغيير واقع حياته سياسياً واقتصادياً وتنموياً ،واعتقد ان الفترة الحالية التي تمر بها البلاد تحتم علينا جميعاً اسناد الحكومة الانتقالية، والعمل من اجل رفعة هذا الوطن الذي يبدو في امس الحاجة لمجهود كل ابنائه حتى ينهض ويتقدم.. والسودان وطن اجدادنا وابنائنا واحفادنا علينا ان نخلص لرفعته.
* نبتدر حوارنا هذا بالسؤال التقليدي.. كيف وجدت الصندوق عقب تعيينك مديراً له ؟
– من المعلوم ان الصندوق تم إنشاؤه عقب اتفاقية سلام شرق السودان الذي تم توقيعه في الرابع عشر من اكتوبر العام 2006، ويعد الصندوق بمثابة روح الاتفاقية او فلنقل آلية اقتسام الثروة لانه يهدف الى تنمية الشرق الذي اعتبره سوداناً مصغراً والصندوق اهتم بالمشاريع الخدمية على صعيد مياه الشرب والطرق والكهرباء والتعليم والصحة علاوة على المشاريع الاقتصادية .
* ولكن بحسب الاتفاقية فإن عمر الصندوق خمسة أعوام وقد انصرمت غير أنه لا يزال شاخصاً؟
– هذه حقيقة.. ولكن السبب يعود الى عدم ايفاء الحكومة السابقة بالمكون المحلي البالغ ستمائة مليون دولار حسب الاتفاقية وهذا جعل المشاريع التي خطط لها الصندوق لا تكتمل، وعلى اثر ذلك لم يتغير الواقع في الشرق، علماً بان النظام السابق وخلال اربعة عشر عاماً فان المبلغ الذي اوفى به بلغ 252 مليون دولار والمتبقي 347 مليون دولار .
* هذا يعني أن الشرق لم يستفد من الصندوق ؟
– لا يمكن القول بذلك لان الحقائق على الارض تؤكد وجود انجازات، الواقع يثبت ان الصندوق نفذ مشاريع جيدة في الولايات الثلاث خاصة الكهرباء التي وصلت الى 85% من الانجاز بالاضافة الى الطرق القارية التي تربط السودان بدول الجوار منها “القضارف سمسم وكسلا مامان وبورتسودان عقيق”، بالإضافة الى الجسور في كسلا وسيدون وهذه تعد من اكبر المشروعات التي تم تنفيذها، وبصفة عامة توجد اشراقات للصندوق، وفي تقديري ان النظام السابق وبسبب سياسته القابضة وعدم الوفاء بتعهداته كان سبباً في عدم تحقيق الصندوق لاهدافه كاملة.
*مشروعات البنى التحتية في الصحة والتعليم لم تتم الاستفادة منها ما يعني عدم جدواها وإهدار للمال العام ؟
-نعم..عدد مقدر من المشاريع لم تتم الاستفادة منها وهنا قبل ان استفيض في هذا الامر لابد من الاشارة الى ان ولاية القضارف تعتبر استثناءً لانها استفادت بنسبة 98% من المرافق التي شيدها صندوق اعمار وتنمية الشرق، اما ولايتا كسلا والبحر الاحمر فان عدداً من المراكز الصحية والمستشفيات والمدارس لم يتم تشغيلها بسبب التشاكس بين ولاة الولايات وادارة الصندوق، وبعد ان تم تكليفي اخيراً بادارة الصندوق فقد وجدت العمل متوقفاً بسبب عدم التمويل .
* هذا يعني أن الصندوق لم يعد له عمل على الأرض بعد توقف التمويل ؟
– نعم.. والسبب يعود الى عدم التزام الحكومة السابقة بما تعهدت به في مؤتمر المانحين وهذا انعكس بدوره على تنفيذ عدد من المشروعات رغم ان دور الصندوق يقدم خدماته الى جزء من البلاد يمثل سوداناً مصغراً وليس حصراً على قومية محددة، وانجاز هذه المشروعات في عهد الحكومة الحالية من شأنه ان يجعل الشرق يستفيد من موارده في الزراعة والميناء وارياب لتنمية الشرق، واعتقد ان الدول المانحة لم تقصر واوفت تماماً بتعهداتها كاملة وقد استفدنا من المنح والقروض ونأمل في المزيد من الدعومات للنهوض بالشرق.
* ولكن يوجد تمويل خارجي مقدر ؟
– هذه حقيقة لا يمكن ان ينكرها احد، وهنا لابد من ان اتقدم بعظيم وجزيل الشكر للاخوة في الصندوق الكويتي للتنمية والبنك الاسلامي في جدة والصندوق العربي للانمائي الاقتصادي للقروض للمنح التي عملوا على توفيرها للصندوق بعد اعلنوا التزامهم بها في مؤتمر المانحين وقد كانوا اكثر صدقاً وجدية من الحكومة السابقة.
* رغم ذلك يدور لغط وجدل كثيفين حول القروض وكيفية التصرف فيها ؟
– طبيعة القروض توضح ان مشاريع الكهرباء التزمت بها الكويت بمبلغ خمسة واربعين مليون وخمسمائة الف دينار، والمشروع كان يفترض في العام 2017 ولكن تأخير التمويل المحلي كان له اثر ونتوقع في ديسمبر من هذا العام ان ينتهي بانارة كل القرى والمدن المستهدفة، اما الصندوق العربي الانمائي الاقتصادي فقد التزم بسداد مبلغ اربعة وخمسين مليون دينار كويتي ومخصص للطرق غير ان الحكومة السابقة لم تلتزم بالمكون المحلي ولم يكتمل العمل في هذا المشروع، اما البنك السلامي بجدة فهو يتولى تمويل المشاريع الزراعية منها حلفا بمبلغ خمسة واربعين مليون دولار وطوكر كذلك خمسة واربعين مليون دولار بالاضافة الى مشاريع اخرى، والعمل متوقف منذ ثلاث سنوات في هذه المشاريع لعدم الالتزام بالمكون المحلي، اما التنمية في المشاريع الخدمية التي ايضاً مولها الصندوق الكويتي فقد تم تنفيذها بنسبة عالية وتبقى مبلغ خمسة ملايين دولار، وتمت الموافقة على قرض بمائتي وخمسين مليون دولار للصرف الصحي ولكن لم تكتمل اجراءاته.
* البعض يعتقد بوجود شبهات فساد في طريقة إدارة أموال الصندوق في الفترة الماضية.. ما مدى صحة هذا الأمر ؟
– توليت مسؤولية الصندوق قبل فترة محدودة ولكن من خلال التقارير التي اطلعت عليها فان بعض المشاريع الخدمية مثل المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية وحفائر المياه، تم تشييدها في مواقع غير مأهولة بالسكان، وبصفتي قانوني فانني لا املك بينات كاملة حتى الان لأضعها منضدة الجهات القانونية للتأكيد بوجود فساد، ولكن فيما يتعلق بالمشروعات التي لم يستفد منها فهي كثيرة والسبب يعود الى ان الولايات كانت تحدد حاجتها والصندوق يعمل على التنفيذ ولكن في نهاية المطاف لا يتم استغلال المرفق الذي تم تشييده وهذا في تقديري تبديد للمال العام وهذا جزء من الفساد، لان عدداً من المرافق تمت سرقة مكوناتها مثل المولدات واجهزة التكييف والتقفيل وغيرها وتحولت الى اطلال خاصة في ولايتي كسلا والبحر الاحمر .
* وجود مرافق غير مستفاد منها في كسلا والبحر الأحمر من يتحمل مسؤوليته؟
– حكومات الولايات تتحمل المسؤولية في المقام الاول لانها هي التي حددت للصندوق تنفيذ مشروعات محددة في المرافق والبنى التحتية ولكن لم تستفد منها رغم ان الصندوق عمل على تخفيف ضغط فاتورة التنمية على هذه الولايات التي اعتمدت عليه، واعتقد ان المشاريع التي يتم الاستفادة منها ربما جاءت من واقع ان تشييدها جاء ترضية لنافذين .
* للصندوق إسهام في تشييد خزان ستيت ولكن حتى الآن لم يستفد منه الشرق؟
– في تقديري الشخصي ان خزان ستيت مشروع قومي ما كان للصندوق ان يدخل في تمويله، فالان الكهرباء بالشرق لم تأتِ من هذا الخزان والمشروع الزراعي الذي تم الاعلان عنه يتردد انه يعمل ولكن حتى الان لم يستفد منه المواطن، واعتقد ان الصندوق تم انشاؤه لتمييز الاقليم من واقع انه عانى الامرين من تردي واقع الخدمات والتنمية نتيجة للحرب خاصة بكسلا والبحر الاحمر وكان يجب تنفيذ المشاريع وفقاً للحاجة، وكان على الصندوق بخلاف ذلك ان يعمل على تأهيل الموارد البشرية عبر دعم التعليم وصولاً الى مرحلة انشاء داخليات.
* هذا يعني أن الشرق لم يستفد من مشاريع الصندوق لأنه لا يزال يعاني من ثالوث الفقر والجهل والمرض؟
– نعم هذه حقيقة، والمشكلة لا اعتقد انها في اهل الشرق الذين تهفوا انفسهم الى التقدم والتطور، وعدم الاستفادة من مشاريع الصندوق واستمرار الثالوث القاتل يعود الى سياسات الدولة لعدم الوفاء بالحقوق الدستورية والقانونية للمواطن، وهنا لابد من التأكيد على ان انسان الشرق ليس عنصرياً حينما يطالب بحقوقه فهو يأمل ان يتمتع مثل ثائر مواطني اقاليم السودان الاخرى بالمقومات الاساسية في الحياة والدليل ىذلك ان كل مكونات السودان موجودة في الشرق ورغم ذلك فان الاكثر تخلفاً هم اهل الشرق لوجود سياسات ممنهجة ضدهم وذلك منذ العام 1958 وكل ذلك لعدم وضوح السياسات ونأمل في العهد الجديد ان ينال الشرق حظه كاملاً من الحقوق .
* إلى متى يظل تنفيذ مشاريع الصندوق متوقفاً ؟
– انهاء التوقف والعودة الى استئناف العمل رهين بايفاء الحكومة بالمكون المحلي والاستحقاق المتبقي من الاتفاقية، واؤكد عبركم اننا لن نضع “طوبة” في مكان لا تستحقه، وخطتنا الجديدة ترتكز بشكل اساسي على تشييد المشاريع في الاماكن التي تستحق، وسنعمل بفقه الاولويات، ولن نشيد بين كل منزلين مدرسة او مركز صحي بل الا في حالة تجميع القرى بعدد سكان لا يقل عن الخمسة الاف نسمة وحال حدوث هذا يمكننا ان نوفر لها كل الخدمات .
* هل الحكومة الحالية أيضاً رفضت الالتزام بالمكون المحلي ؟
– لا.. لم نصلها حتى الان وفي مقبل الايام سنجلس الى وزير المالية الاتحادي باعتباره رئيس مجلس ادارة الصندوق الذي يضم في عضويته ايضاً ولاة ووزراء المالية في الولايات الثلاث، بالاضافة الى اثنين من المجلس السيادي وثلاثة ممثلين لجبهة الشرق، ونتوقع من وزير المالية ان يكمل متبقي الالتزام البالغ 347 مليون دولار، وسنعمل مع الاخوة في مجلسي السيادة والوزراء على ان نستقطب موارد جديدة من الاخوة في الكويت والسعودية ،وباذن الله سنعمل بشفافية كاملة خاصة فيما يتعلق بالمال.
* ماهي ملامح خارطتكم حال توفر التمويل.. هل ستنفذون مشاريع تنموية حقيقية أم المضي في طريق البنى التحتية ؟
– سنبدأ بالمشاريع الزراعية القومية لان حدوث تنمية فيها ينعكس مباشرة على حياة المواطن بالشرق، وذلك عبر ازالة المسكيت وادخال التقانة الحديثة حتى يتحقق عائد كبير يسهم في اخراج المواطن من الفقر، ونهدف الى تشييد مستشفى للاورام لان اهل الشرق يعانون كثيراً في تلقي علاج الاورام بالعاصمة والجزيرة ،ونهدف الى الاهتمام بالفاقد التربوي عبر تشييد داخليات للطلاب تتوفر فيها الوجبات الثلاث لان السبب الاساسي للهروب من المدارس هو الفقر، وايضاً سيكون تشييد المدارس الفنية من ضمن اهتماماتنا .
* يتوقع أن تحمل مفاوضات جوبا بين ثناياها مناقشة أداء صندوق الإعمار؟
– الاخوة في أحزاب الشرق التي تشارك في مفاوضات جوبا على درجة عالية من الوعي بمشاكل الاقليم، واذا كان الامر بخلاف ذلك لما عارضوا النظام السابق وارتفعت اصواتهم تطالب بانصاف الاقليم، واتوقع ان تسفر مجهوداتهم عن تحقيق مكاسب اضافية للاقليم، وجميعنا نتحدث عن مجتمع يعاني من الجهل والفقر والمرض وهذا يعني اننا نتفق على الهدف وهو تنمية الشرق، لذا نؤيد اطروحاتهم في رفع التهميش المتعمد للاقليم وان يكون الصندوق من اسباب ازالة الغبن ويغير الواقع .
* ماذا تعني باستهداف وتهميش ممنهج.. من الذي يقف وراء هذا الأمر ولماذا ؟
– إنسان شرق السودان بسيط في تعامله ويمتاز بالهدوء والصبر ولكن للاسف فان حقوقه الاساسية ظلت مهدرة ولا يتمتع بها منذ الاستقلال وذلك لغياب التنمية المتوازنة بين اقاليم السودان طوال العهود الماضية، فهنا اسأل لماذا يتمتع البعض بخدمات جيدة فيما يفتقد اخرون ابسط المقومات، هل في هذا عدل، بالتأكيد لا.. وانسان الشرق يتسول الناس مياه الشرب واهل الاقليم يمكن القول انهم مثل الاحياء الاموات، اما الخدمات الاخرى فهي غير متوفرة في الكثير من انحاء الاقليم، وهذا يعني ان الدولة طوال العقود الماضية لم تهتم بهذا المواطن الشرقاوي وكان ينبغي الاهتمام بالانسان الاضعف وليس الاقوى ،وبصفة عامة نعشم في ظل العهد الجديد ان يتم انصاف الشرق ونتوقع ان تشهد المرحلة القادمة عدالة ومساواة وشفافية.

صحيفة الانتباهة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد