كما تحدثنا من قبل أن عناصر الفلول تنشط دائماً في الاجواء الضبابية القاتمة لأنها كائنات ظلامية تخشى الضوء والحق ، وتبحث دائماً لفرصة سياسية في زمن خطأ ، فبعض الضعفاء لا يشعرون بقوتهم إلا بوعكة الوطن ، فنشاط الفلول هذه الايام ومهمتهم الاساسية هي شيطنة الثوار والعمل على تشويه صورة السلمية، ونشر الإشاعات المغرضة وصناعة سيناريوهات التخريب، والعمل على صناعة اجسام ثورية موازية ، وتنشط هذه الايام مجموعات شبابية تسمي نفسها باسماء تختارها عبثاً وتلحقها بإسم الثورة ومنظمات المجتمع المدني ،وبدأت بالفعل هذه المجموعات بطرح ترشيح اسماء بعينها لتودعها منضدة المجلس السيادي ليختار منها رئيس الوزراء القادم.
وفقر الدم السياسي الذي تعاني منه فلول النظام المائت الذي لن تنفخ فيه روح الحياة من جديد لا تترجمه سرقة شعارات الثورة أو بناء الاجسام الهلامية الزائفة ولا طريقة الخطاب والحوار السياسي في منصة التحضير للمسرحيات فاشلة فالأنميا السياسية أعراضها تتلخص في عدم الوعي والإدراك أن عودة الاسلاميين أصبحت من المستحيلات التي لن تتحقق تحت ضوء الشمس ، فعدم ادراك هذه الحقيقة او التعامل معها بخاصية ( التطنيش) في الوقت عينه يوكد عدم الرؤية والقراءة الصحيحة للمشهد ، فالمجلس السيادي نفسه ( بلحمه وشحمه ) يفتقد الشرعية ، ولا يملك حق اختيار رئيس مجلس الوزراء ، بل ولا يستطيع وليس له القدرة الكافية، فاختيار (كوز ) لمنصب رئيس مجلس الوزراء ان كان سهلاً على الفريق عبد الفتاح البرهان لقام بتعيينه في اليوم الثاني للانقلاب وقادة الانقلاب قد يريدون توافقاً واتفاقا مع الإسلاميين ، ولكنهم لن يستطيعوا فعل ذلك ، لذلك ان الفرص التي أتت للإسلاميين على طبق من ذهب بعد قرار الانقلاب لن تعود لهم ابداً.
فإجراءات رئيس مجلس السيادة الانقلابية لم تكشف خيانه الانقلابيين للثورة السودانية لرفع الغطاء عن وجهها الحقيقي ، ولكن كان لها جانب مشرق وهو كشف حقيقة عدم قدرة الفلول للعودة الي المشهد السياسي مرة اخرى بل الانقلاب فضح اكبر كذبة لهم ، وهي انهم لن يرفعوا اداة التهديد بامكانية عودتهم للحكم متى ما أرادوا ذلك ، كما كان يشهر بذلك عدد منهم في اعتصام القصر فالأبواب المشرعة التي فتحت لهم عقب الانقلاب وبعد استقالة رئيس مجلس الوزراء وأذنت لهم بالدخول ، ولكنهم فشلوا في ذلك ، أكدت انهم اصبحوا في خبر كان فمثل ما ان الانقلاب كتب نهاية الانقلابات العسكرية في المستقبل ، نصب الشواهد على مقبرة الفلول في ارض المعارك السياسية التي انتهت بخسارة فادحة .
لكن بالرغم من انهم الأكثر دراية بهذه الحقيقة تجدهم ينصبون الخيام لتقديم مهرجانات وهمية لرسم خارطة المستقبل السياسي فمازالوا يحسنون ربطة العنق ، ويتلون على الحضور الكلام المحفوظ ، ويعتقدون أن هذه البلاد لن تكتمل عافيتها الا بوجودهم السياسي (ميغالومانيا) الذي يجعل الفرد يختزل كل شيء في شخصيته و يرى العالم من خلالها فقط ، ويعتقد انه المركز و كل ما يدور حوله ينطلق من وجوده وتعد الفلول هذه المرة العدة لتسيير مواكب الزحف الأخضر من جديد قالت انه لدعم المكون العسكري والقوات النظامية ( عدم الشغله يعلم المشاط ) ، فالمكون العسكري مثل هذه المسيرات لن تضيف له شيء هذا ان لم تخصم منه ، فهو اصبح كالمحتضر الذي لاتنفعه رشفة العسل ولن تداوي له سكرات الموت.
وحقيقة ان هذه المحاولات الفاشلة تجعلك تشفق على هذا المكون فحمايته اصبحت محلاً للسخرية والتهكم ، اما انه يقبع خلف الحاويات ، او تسير له الفلول مسيرات وفي العالم كل لم اسمع بقوات نظامية وقوات مسلحة تسيّر لها مواكب للدعم ، فالقوات المسلحة هي التي تدعم شعبها ، ومن بعدها يمكن ان يعبر لها بمشاعر عفوية على طريقته الخاصة التي يريد، ولكن ماذا فعلت القوات النظامية ، فالرصاص الحي قتل اكثر من ٦٠ شهيداً حسب احصائيات الأمس ، فالتي شاركت في القتل أجرمت في حق المواطن والتي وقفت متفرجة أجرمت في حقه اكثر ، وبؤس الانقلابيين لا يترجمه الا تضامن الفلول وجدر الحاويات المرصوصة على الطرقات والتي مهما علت اسوارها تسلل خوفهم من خلالها ، لهذا تبقى كل العروض الباهته على المسرح السياسي لا تغني ولا تثمن من جوع فالحاضر لثورة ديسمبر المجيدة هو من يرسم لها خطة وخارطة المستقبل .