نشهد للأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم أنه ظل لوحده ينافح عن مصلحة المواطن.. ويكافح جشع بعض تجار الدواء.. حتى أدركت الدولة بأخرة أنه كان مصيبا.. وأنه كان محقا في معركته.. نقول تجار الدواء.. لأن الذي يسقط كل القيم الأخرى.. ويرهن كل شيء فقط.. بقيمة الدولار.. لا يمكن أن يسمى إلا تاجرا.. والتجارة ليست عيبا على كل حال.. لكن الشرائع السماوية نفسها قد حرمت في التجارة أمرين.. الجشع والاحتكار.. والمفارقة أن بعض تجار الدواء قد جمعوا السوءين.. إن جازت الكلمة.. الجشع والاحتكار.. وكانت النتيجة فوضى ضاربة أطنابها.. مقيمة في سوق الدواء.. ونفر لا يتجاوزون أصابع اليدين يتحكمون في كل شيء.. والدولة تفعل كل شيء في سبيل استقرار أمر الدواء.. دون جدوى.. فكيف يبلغ بنيانك يوما تمامه.. إذا كنت تبني وغيرك يهدم..?!
ولأن العبر في الأثر.. فهل سمعتم بقصة القائد الفاطمي الحاكم بأمر الله..؟ فقد اتفق التجار في سوق الغلال على تخزين الغلال وعدم طرحها للبيع مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعارها.. فلما وصل الأمر إلى الحاكم بأمر الله أرسل لهم تحذيرا قبل يوم الجمعة.. بأن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله سيزور سوق الغلال بعد صلاة الجمعة مباشرة.. وأيما تاجر يكون متجره مغلقا أو خاويا من الغلال والتي ستباع بسعر حدده لهم فسيتم ضرب عنقه أمام متجره على الفور.. جاء يوم الجمعة وذهب الحاكم إلى السوق بعد الصلاة واصطحب معه سيافين فماذا وجد؟.. وجد رواجا وازدهارا في سوق الغلال.. حيث امتلأت المتاجر بالغلال وبسعر أقل من السعر الرسمي والمخازن وقد خلت من الغلال التي كانت مكدسة إبان الأزمة.. )المصدر: كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور(.. بتصرف..!
والدولة على كل حال ليست بعيدة.. فهي ترى وتسمع كل شيء.. ثم إنها هي التي تدفع الثمن.. ثمن كل شيء.. لذا كان حتميا أن تتحرك في لحظة ما.. لحظة فاصلة.. ولكن.. أيضا.. فأقصانا تفاؤلا لم يكن ينتظر.. أن تتحرك الدولة في لحظة واحدة.. وفي ميقات واحد.. رئاسة الجمهورية تضع حدا للاحتكار.. ورئاسة الوزراء تلاحق الجشع.. بعزم لا يعرف اللين.. وإصرار لا يعرف المساومة.. حتى أن رئيس الوزراء يقسم.. هكذا.. إنه لن يسمح بزيادة جنيه واحد في سعر الدواء.. وقسم الرجل لم يكن عن غضبة أو انتصار للذات.. أو محض قرار سلطوي.. بل المفارقة أن قسمه هذا قد جاء بعد أن استمع.. وبصبر يحسد عليه.. إلى الطرفين.. بل مد من مساحة التسامح وحسن الاستماع.. للتجار.. أكثر مما بذل لموظفيه من وقت.. إذن قسم رئيس الوزراء قد جاء بعد أن سمع بأذنيه ورأي بعينيه.. الجشع يمشي على قدمين.. فلم يكن ضميره ليسمح أن يكون حربا على مواطنيه.. فخيّر.. تجار الدواء.. بين خيارين.. ليس أحلاهما مرا بأي حال.. فقد خيرهم بين أن يفتح سوق الدواء على مصراعيه.. ليتساوى المستوردون في فرص التنافس.. ثم للدولة أن تأخذ بأفضل الأسعار.. أو أن يستمر الحال على ما هو عليه.. وحيث أننا لم نسمع حتى الآن.. أن فلانا تاجر الدواء.. قد صفى أعماله في مجال تجارة الدواء واتجه إلى تجارة الخردوات.. فالأرجح.. أن يستمر الوضع على ما هو عليه..!
ولكن المأزق الذي يواجه الجماعة الآن.. أنهم وإن خرجوا من )درديحة( مجلس الوزراء.. ففي انتظارهم حفرة رئاسة الجمهورية.. التي ترى في ما كان يحدث احتكارا بشعا.. ضرب بعرض الحائط قرارا وقعه رئيس الجمهورية بنفسه منذ سنوات يحرم الاحتكار ويجرمه.. فويل لهم إن أقسم الحاكم بأمر الله..!
نكتب غداً
أحمد البدوي ورفاقه.. على المحك!