_
* لم يفتح الله على وزارة البنى التحتية والنقل بأي رد أو تعليقٍ على ما أثرناه في هذه المساحة قبل ستة أيام، حول مظاهر التسيب والإهمال وسوء الإدارة التي تحدث في هيئة الموانئ البحرية عموماً، وميناء الحاويات الجنوبي على وجه الخصوص، بعد أن تسبب تعطل ستة )كرينات( شوكية في انخفاض الكفاءة التشغيلية للميناء إلى أقل من ثلاثين في المائة.
* توقعنا من الوزارة الموبوءة بالإهمال وضعف الأداء أن تسارع بالرد والتوضيح، بذات النهج الذي اتبعته عندما طلب مدير مكتب الوزير من ثلاث هيئات تتبع للوزارة سداد قيمة فاتورة علاج شقيقة الوزير.
* انتظرنا منها أن تحاسب المسؤولين عن ذلك التواكل القبيح بالسرعة نفسها التي أقيل بها مدير المكتب، لكن ذلك لم يحدث، لأن الوزارة وهيئة الموانئ لم تتأثرا إلا سلباً بثورة الشعب، بدليل أن مدير الهيئة ما زال باقياً في منصبه، برغم سوء أدائه وانتمائه المعلوم للنظام البائد.
* لو شفع له عمله لما ذكَّرنا المسؤولين عنه بانتمائه السياسي، سيما وأنه عمل مديراً للاستثمار بولاية البحر الأحمر على أيام حكومة أيلا قبل عدة سنوات، قبل أن يتم تعيينه مديراً للهيئة بأمر آخر رئيس وزراء لحكومة الإنقاذ.
* تسبب تردي الخدمة وتأخير تخليص الحاويات في تعطيل حركة الصادر، وعودة بعض السفن من حيث أتت بلا تفريغ، بعد أن عيل اصطبارها من طول الانتظار، وبطء وتخلف خدمات الميناء الهرِم، وقررت معظم خطوط الملاحة الدولية التوقف عن إرسال السفن الكبيرة )سِعة ثلاثة آلاف حاوية( إلى بورتسودان، لتستعيض عنها بسفن صغيرة )سعة ألف حاوية(، وتخسر الهيئة مبالغ طائلة بالعملات الأجنبية، سيما وأن تخليص وشحن الحاويات من السفينة الواحدة يدر أكثر من )350( ألف دولار على خزينة الدولة.
* حدثني أحد المورِّدين أنه انشغل بتخليص خمس حاويات من سفينة وصلت بورتسودان يوم 19 نوفمبر الماضي، وانتظرت خارج الميناء تسعة أيام، قبل أن ترسو في أحد مرابطها يوم 27، ويستغرق تفريغ الحاويات منها تسعة أيام أخرى، وما زالت حاويات الصادر تنتظر رفعها فيها بلا جدوى.
* بحسبة بسيطة نجد أن خدمة تفريغ وشحن السفينة الواحدة في ميناء الحاويات الجنوبي تستغرق شهراً، يكفي لوصول السفينة من الصين إلى السودان، علماً أن هيئة الفشل تحسب قيمة الأرضيات من تاريخ رسو السفينة، من دون أن تراعي التلكؤ غير المبرر الذي يحدث لعمليتي التفريغ والشحن.
* هيئة الموانئ التي تعاني من ضعف الكفاءة وفائض العمالة شهدت إدخال أكثر من خمسة آلاف وظيفة جديدة )تنوعت بين عمالية ومكتبية( في خواتيم العهد البائد، ليتكدس الموظفون بلا عمل، ويفشل بعضهم في إيجاد مقاعد، في مكاتب مخصصة للونسة وهدر الوقت في ما لا يفيد.
* كلفة جر الحاوية الواحدة من المربط إلى منطقة الكشف الجمركي تبلغ حوالي ستة آلاف جنيه )لمسافة كيلومترين أو أقل(، تم فصلها بلا مبرر من الفاتورة الكلية للموانئ، لتبلغ عوائدها أكثر من ترليوني جنيه في العام، لا يدري أحد فيم تصرف، وما هي الجهة التي تتولى تقديم تلك الخدمة.
* هذا عن ميناء الحاويات الجنوبي، أما عن الفوضى التي تحدث في ميناء سواكن، المخصص لسفر الركاب وتخليص العفش الشخصي والسيارات فحدث ولا حرج، وقد قررنا إيفاد محرر خاص لرصد ما يدور فيه، بعد أن تدهورت أحواله، وتعددت وجوه الفوضى وسوء الإدارة فيه، وجأر المتعاملون معه بالشكوى، من دون أن يجدوا من يستمع إليهم، ويعينهم على معالجة البلاوي التي تحدث فيه كل صباح.
* صمت الوزارة وعدم اهتمام الحكومة الاتحادية بمعالجة المهازل التي تحدث في هيئة الموانئ البحرية يتطلب تحركاً فورياً من رئيس الوزراء، المطالب بإجراء تغيير جذري وفوري في أحد أهم مرافق الدولة، بعد أن بقي على حاله القديم، مدموغاً بالفساد والإهمال والفشل وسوء الإدارة وتبديد المال العام، وكأن البلاد لم تشهد ثورةً ضحى فيها شبابنا بأرواحهم طلباً للتغيير.
* لا توجد دولة عميقة في هيئة الموانئ البحرية، لأن إدارتها بقيت على حالها.. و”لم تسقط” أصلاً!