صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

لماذا لا نطبع  ؟!

8

خلف الأسوار

سهير عبدالرحيم

لماذا لا نطبع  ؟!

 

 

 

المثل الشعبي السوداني الدارج الذي يقول: (ناس البكاء استغفروا والجيران كفروا)، انطبق علينا حرفياً، ذلك أننا الدولة الوحيدة التي حتى وقت قريب تكتب في جواز سفرها (صالح لكل الدول عدا إسرائيل).
في الوقت الذي يمضي فيه الفلسطينيون جيئة وذهاباً بين القدس وتل أبيب مثلما يتحركون في غدوهم ورواحهم بين رفح ورام الله، بل أن ثلث الفلسطينيين يعملون موظفين وعمالاً وحتى مزارعين في الحقول الإسرائيلية.
وهنا لا نريد التحدث عن الفلسطينيين الذين يعملون جواسيس في جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) أو الذين يعتبرون دليلاً للعيون الإسرائيلية في تنفيذ عمليات اغتيال كثيرة طالت قيادات فلسطينية رفيعة، لا نريد أن نتحدث عن هؤلاء، فالجواسيس في كل العالم لا يمتلكون ولاءً ولا ايماناً إلا (بمحفظتهم).
ولكننا نود القول إننا ومنذ أن فتحنا أعيننا على الدنيا وجدنا أن السودان في حالة عداء سافر مع إسرائيل، وتشربنا هذا العداء في قصائد اللغة العربية: أنا من يافا.. أنا من صفدي.. سرقوا بلدي بلدي المحتل فلسطين.. لم يزهر فيه الليمون لم تضحك فيه الأحياء.
ثم تشربناه مزيداً في الجغرافيا ونحن ندرس خرائط كل الدول، ونعرف أن القدس عاصمة فلسطين المحتلة، دون أن يشُار الينا في الاطلس الى الدولة المحتلة، ثم نقرأ مجدداً التربية الإسلامية ونتشرب أكثر بقصة السيدة مريم العذراء وسيدنا المسيح عليه السلام وبيت لحم وبيت المقدس، ونتشرب أكثر بأن الجهاد ضد إسرائيل شرف وشهادة.
ثم نتشرب أكثر وأكثر في التاريخ بأن ندرس وعد بلفور لليهود وزراعة المستوطنات وخطة الاستيطان الكبرى، ونقرأ عن هزيمة الإسرائيليين في خط بارليف بمتعة كبيرة، ذلك دون أن نستصحب النكسات المتوالية للعرب في حروبهم مع إسرائيل.
اخبرونا بأن اسرائيل محتلة، ولكن لم يخبرونا بأن إسرائيل التي خاضت الحروب وعركت الانتفاضات مع الفلسطينيين لم تلن لها قناة، ذلك لأن اللوبي اليهودي في واشنطون يوفر لها الغطاء والحماية والدعم المادي والعسكري واللوجستي، فكان العرب وفي كل حروبهم يعودون بخفي حنين.
ومنذ حرب ١٩٤٨م مروراً بالعدوان الثلاثي ١٩٥٦م ونكسة ١٩٦٧م وحرب الالف يوم، او كما يطلقون عليها حرب الاستنزاف واكتوبر ١٩٧٣م او حرب تشرين وحرب لبنان (عملية الصنوبر) ١٩٨٢م والصراع في جنوب لبنان، مروراً بالانتفاضات الفلسطينية وآخرها عملية العصف المأكول أو الحرب على غزة الأخيرة.. كانت إسرائيل الرابح الاكبر …؟
خارج السور:
المصيبة ليست في هزيمة إسرائيل للعرب، ولكن المصيبة أن جل الدول التي خاضت حروباً ضد إسرائيل كانت الأسرع في التطبيع معها.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد