إذا كان الحوار الذي نادي به حزب المؤتمر الوطني مع الشباب هو على شاكلة لقاء الرئيس بشباب الحزب الحاكم، فهذا معناه أن الحزب والحكومة لم يستوعبا الدرس ولم يعرفا أصل القضية لأن الشباب الذي خرج للشارع مع سبق الإصرار والترصد ليس هو بالتأكيد شباب المؤتمر الوطني، لكنها جموع الشباب التي ضاعت أحلامها وأمالها وسط الزحام ولم تجد الوسيلة لتتنفس، فكان هذا الانفجار الرهيب وبهذا الشكل العنيف، وبالتالي فإن الذين خططوا لهذا اللقاء مع الأخ الرئيس يحاولون تغطية الشمس بأصابعهم، وهو ما ليس منطقياً ولا معقولاً، أو لعلهم يمارسون على القيادة السياسية تعتيماً ليس له ما يبرره، ونحن في هذا المنعطف الصعب، ومثل هذا التعتيم مضر وقاتل، لأن الذين جلسوا إلى الرئيس لن يسمعوا إلا ما يريدون سماعه ولن يقولوا إلا ما يعجب الرئيس ويود سماعه وبالتالي لن نكون لامسنا أصل المشكلة من قريب أو بعيد، والحديث عن الحوار هو مجرد استهلاك سياسي لكسب الوقت لا بودي لا بجيب ولن يسهم بالتأكيد في نزع فتيل الأزمة أو تطييب الخواطر المجروحة أو خفض درجة حرارة الاحتقان.
لذلك لابد من القول إن دائرة الحوار مع الشباب يجب أن تتسع بشكل غير مسبوق، وعلى فكرة معظم الشباب الذين خرجوا في الأحداث الأخيرة وتقدموا صفوف المظاهرات هم بلا انتماء سياسي ولا أيدلوجيات تحركهم، وجميعهم جمعتهم المعاناة أو الغضب أو التذمر من مجمل الأوضاع الاقتصادية التي ضربت البلاد في الفترة الأخيرة، لذلك جاء حراكهم عفوياً مجرداً من الأهداف السياسية، حتى دخل )الجوكية الكبار( في محاولة لركوب الموجة، وتحقيق مكاسب سياسية، وإحراز أهداف في مرمى النظام، وبالتالي فإن لقاءات الرئيس بجموع الشباب يجب ألا تتم بكلفتة وتسرع بل يجب أن يتم الترتيب لها بشكل مدروس وصحيح لتكون في مناخ صحي متعافي، يستطيعون