لحل أزمة المواصلات
بلا حدود
هنادي الصديق
لحل أزمة المواصلات
لا زالت أزمة المواصلات في ولاية الخرطوم تشكَل هاجسا مستمرا للمواطن، وسبق وأن كتبنا مرارا طارحين العديد من الحلول لمعالجتها، إلا أن ما ظللنا نسمعه من وعود حكومية جعلنا نتريث قليلا قبل أن نواصل في هذا الملف، وبما أن المواطن هو شريك أساسي في هذه الحكومة بقيادته للثورة التاريخية، وبما انه يعتبر ساعدها الأيمن في البناء، وعينها التي ترى بها العيوب وفكرها الذي يسهم معها في حلحلة المشاكل والازمات، لماذا لا تمنح الدولة آذانها للمواطنين من أصحاب المبادرات التي تسهم بشكل كبير في معالجة الأزمات المتلاحقة التي تضرب بالوطن من كافة الإتجاهات.
و الذي أقدمه اليوم سبق وأن طرحناه في هذه المساحة ووجد تفاعلا جيدا من المواطنين، لدرجة أن تبناه أحدهم إلا أنه إصطدم بعقبات من أصحاب القرار، ولعل سيدة الأعمال (حنان خالد) كانت قد لخصت المشكلة في حوار إنتشر في الأسافير قبل أسابيع.
هذا الحل أتمنى ان يجد حظه من الإهتمام من قبل وزير النقل والبنى التحتية ومدير شركة المواصلات العامة، فمتى ما تم تطبيقه سيعود بالفائدة على الجميع حتما وسيقضي على جميع الاعيب المتسلقين من سماسرة وتجار الأزمات، وسيغلق الباب تماما أمام بصات الكرتة التي تأتيهم من الإمارات والسعودية عبر سماسرة الكرتة، لأن البصات المذكورة عادة ما تأت منتهية الصلاحية او في نهايات عمرها الافتراضي، ويكفي ما أصابنا في مقتل من مالنا ووقتنا من سيئ الذكر والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر الذي إبتلانا بـ(خرد) الصين التي تم إعدام 300 بص منها، ويقبع المئات في إنتظار صيانة لن تجدي ولا أحد يعلم نسبته في (الكوميشن) من هذه الصفقة.
والمقترح المقدم هو إستقدام بصات (اشوك ليلاند) الهندية، والتي تعتبر من البصات الرئيسية العاملة بالهند منذ الثمانينات وحتى الآن، وحلت عبرها الكثير من الإشكالات في قطاع النقل والمواصلات، فسعة البص كبيرة جدا تصل إلى 88 راكب، 42 مقعد جلوس و 46 شماعة تقريبا. وهو من البصات ذات الدفع الأمامي وليس الخلفي، وهذه معلوم أنها تكون متينة، تتحمل السير الطويل في الطرق والشوارع الوعرة وتمتاز عن غيرها بالمتانة وتوفر قطع الغيار ورخص أسعارها، إضافة إلى العمالة الماهرة في الصيانة، رغم أنها تعمل بإستمرار لعشر سنوات دون الحاجة إلى صيانة، وتتحمل الضغط والعمل بنظام الورديتين (18 ساعة في اليوم)، ولعشر سنوات بذات قوة الدفع، ويمكن ان يبدأ المشروع بعدد تجريبي من 100 بص فقط، علما بأن سعر البص الواحد يكلف حتى وصوله 84 الف دولار، ما يعني أن المطلوب فقط 8 مليون و600 الف دولار تعمل في العاصمة بمحلياتها المختلفة وبشكل دائري دون توقف، ويمكن بالتنسيق مع الحكومة الهندية التي تبحث عن المزيد من الإستثمارات في السودان أن تكون البداية بهذا العدد على ان يكون بالتقسيط على ثلاث سنوات فقط، ويكون تمويلها عبر بنك التنمية الافريقي فرع الخرطوم والذي يمول مثل هذه المشاريع، والضامن بنك السودان كمثال، والمؤكد أن هذه البصات ستقوم بسداد قيمتها في أقل من عام، ويمكن بعدها إستقدام مئة بص أخرى وهكذا إلى أن تحل مشكلة المواصلات بالعاصمة والولايات، ويمكن أن يسهم هذا الحل في خفض قيمة تذكرة المواصلات على المواطن.
ما نحتاجه في هذه المرحلة العقلية الإدارية المبتكرة غير المتكلسة، الباحثة عن حلول جديدة بعيدة عن التقليدية (المجربة)، وقبلها نحتاج للإداري العفيف صاحب النزعة الوطنية المتجردة البعيدة عن الذاتية، إداري يسقط المحسوبية من قاموسه لتعود للوطن هيبته وللإقتصاد عافيته.
الجريدة