في العام ٢٠٠٣ خلصت حكومة المخلوع بعد عجزها التام عن حل نزاعات وصراعات اقليم دارفور الى الإتجاه للحل العسكري ، وأصدرت بيان الفاشر الشهير الذي وقع عليه ولاة الولايات الثلاث ، حيث أكدت فيه الحكومة عزمها لإستخدامها القوة العسكرية وجاء البيان حاد اللهجة يحمل فيه بواطنه التهديد والوعيد لاهالي اقليم دارافور ومن فرط الدوافع الشريرة التي كتب بها، تناسى ان يوجه عباراته للمتمردين، وخاطب العامة (بلا فرز ) قالت احدى فقراته (الحمد لله أن جعل في الكي دواء ونعلن الآن أن هنالك حزمة من القرارات الصارمة وحزمة من أوامر الطوارئ سوف يتم اتخاذها عقب هذا البيان، وهذا بمثابة إعلان وإنذار للجميع ولا عذر لمن أنذر ، ونؤكد للجميع أن كافة التحضيرات والتجهيزات والآليات والوسائل اللازمة للحسم والحزم قد تم إعدادها من طائرات ومركبات ودواب وأسلحة ومعدات للتصدي، على أتم استعداد للتصدي والحسم
ونؤكد أن المحاكم والنيابات الخاصة ذات الإجراءات الاستثنائية في كل أنحاء الولايات الثلاث قد شكلت ونصب ميزانها ووحد منهجها ولا بد للإدارات الأهلية أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة من دون تراخ أو تردد، وآن لأهلنا الشرفاء أن نضع السنان مكان اللسان، وأن نكف عن الكلام حتى انبلاج الصباح، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون قال تعالى «ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون “.
والبيان أفتتح بقوله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتَّلوا أو يصلَّبوا أو تقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) واختتم بقوله تعالى (ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون)
اندلعت بعده أبشع حرب على الإقليم قتل فيها الآلاف من الأبرياء من اهل دارفور أغلبهم من النساء والأطفال وارتكب به نظام المخلوع أفظع جرائمه الإنسانية وقتل النفس البريئة التي حرمها الله
وبعد مرور ما يقارب العشرين عاماً وبعد كل ماعاشه أهل دارفور من ويلات وحروبات وقتل وتهجير ونزوح وبعد قيام ثورة ديسمبر المجيدة ، التي جعلت السلام ثاني شعاراتها ، ونادت من أجل ان يعم السلام ربوع السودان لينعم الجميع بوطن آمن مطمئن.
قالت فاطمة شقار الامين العام لمنظمة اتقان النية من أجل التعايش السلمي وسكرتيرة المرأة بحركة اركو مناوي إن الحل العسكري هو الحل الوحيد للسيطرة على الصراعات القبيلة في دارفور واضافت في تصريحات صحفية (نحن مسؤولون جميعاً عما يحدث في دارفور) ووصفته بالمشكلة الصعبة وأكدت قائلة: لا يوجد غير الحل العسكري بحجة ان الحلول الأخرى يصعب تنفيذها
وسكرتيرة المرأة بحركة مناوي حاكم اقليم دارفور ان تدعو لخيار الحرب في بداية خطوات الطريق الذي دفع فيه شباب الثورة أرواحهم مهراً للسلام، هذا يعني إما انها لم تستوعب درس الثورة جيدا الذي خصص كل الوقت لإشاعة ثقافة السلام ونبذ الحرب وارساء لغة الحوار ، بدلاً عن صوت البندقية الذي ماخلف إلا الدمار والخراب لإقليم دارفور وأهله تلك الحرب التي ألقت بظلالها على جميع أنحاء السودان وولاياته.
والغريب ان المرأة التي تدعو الى الحل العسكري لحسم الصراعات في دارفور هي الامين العام لمنظمة تعمل من أجل التعايش السلمي!!
فالحل العسكري يعني نشوب حرب جديدة في الإقليم لا أحد يستطيع ان يخمن نتائجها ولا يحدد نهاياتها، ولا حتى ضحاياها ان كانوا من المتفلتين أم الأبرياء من الاطفال اوالنساء، لاسيما ان الحكومة وحركات الكفاح لم تبذل جهداً ولو القليل من أجل إنسان دارفور حتى تشكو النصب والتعب لتلجأ لخيار الحل العسكري.
الا يكفي انسان هذا الإقليم ماعاشه في سنوات سابقة ، اما آن له ان يستريح قليلاً من سماع صوت الرصاص وينوم من جديد دون ان تفزعه الكوابيس.
ألم يوقع مني اركو مناوي على وثيقة سلام جوبا ليعم السلام اقليم دارفور ، فما قيمة السلام والشروط والمطالب المتوالية للمبالغ المالية وللمناصب ان كان السلام وُقع ليقودنا الى الحرب . ؟!