يسألنا البُسطاء من الناس عن الحكومة في جديد، ويسألونا عن خططها وبرامجها، وعن بُشريات نعلمها ولا يعلمونها، الجديد وين والحال الذي تُعيشونه في يومكم هذا يُجيبكُم بوضوح عن خلو أدراج قادتها من أي خُطط، وعن غياب فضاءات بلادنا الرحبة عن أي مشاريع أو برامج نُفِّذت أو على وشكِ التنفيذ، وواقع الحال لا يحتاج منكم لسؤال عن الجديد ولا منّا لرد، ولن تخطو الحكومة خطوة إلى الأمام بلا انتاج يُحقق الكفاية ويعود على البلاد بعُملاتٍ نُقابل بها احتياجاتنا من الخارج من موادٍ خام ومُعينات انتاج، وما من صباح تشرِق فيه شمس بلادنا إلّا وحمل لنا في أحشاءه مُشكلة جديدة تُضاف إلى جُملة مشاكلنا.
دعونا نسأل الساسة بلسان أهلنا الذين ما زالوا يحلمون بوضعٍ غير هذا، ماذا فعلتُم لأجلهم..؟
لقد ضاقت البلاد على رحابتها واتساع أراضيها على أهلها، وخيار الاستمرار ومقاومة هذه الظرف المُعقد أصبح معدوماً عند كُل من لديه الفُرصة للخروج منها، لا سيّما الشباب الذين قاوموا النظام السابق لأجل حياة كريمة كانوا يتمنونها، خرجوا للطُرقات وتعرضوا للقتل والضرب المُبرح واستطاعوا (لوحدهم) اقتلاع النظام، يوم أن توارت الأحزاب والحركات المُسلحة وغير المُسلحة التي ارتفعت أصوات أهلها اليوم، وتسابق قادتها على نيل الوظائف العُليا فيها، استلموها وكأنّهم استأجروا الشباب لآداء هذه المهمة واتخذوهم جسراً يصلون به إلى مآربهم، وإلى سُلطة غيبتها عنهم الإنقاذ لثلاثة عقود ولم يستطيعوا زحزحتها من مكانها.
ما يبدو جلياً للمواطن (العادي) الذي لا يعلم حتى أبجديات السياسة ولا علاقة له بها أنّ الطريق الذي تسير فيه الحكومة الانتقالية لن يصل به وبها إلى النهايات التي دفعته للخروج على نظام الإنقاذ، وأنّ البناء يحتاج لمواد وأدوات لم توفرها الحكومة ولن تستطيع، وهل سمعتُم في يومٍ من الأيام بشخصٍ عاطلٍ حصد من كثرة الكلام والتنظير شيئا، المسافة التي تمنّى المواطن انحسارها للأسف ازدادت وتمددت، وآماله ببزوغ فجرٍ تتحقق فيه أمنياته بوطنٍ يسع الجميع قد تبددت، بسبب السُلحفائية وبطء خطوات الاصلاح المنشود.
هل سألتُم أنفسكم يوماً أيُها الساسة الكرام هذا السؤال، أين أنتُم من المواطن وماذا فعلتُم لأجله..؟
بالطبع لن تسألوها كما لم يسألها من كانوا قبلكم، وما من سببٍ يدعوكم لسؤالها ولقد توفّرت لكم ولعائلاتكم أسباب الحياة التي استعصت على المواطن، لن تسألوها وأيديكم في ماءٍ بارد وضعتُموها، والمواطن جالس بكُلياتِه في جمرٍ مُتقد كُلما خرج من أزمة دخل في أخرى أسوأ منها، وسموم المُعاناة تلفح في وجهه، لم يأبى أو يعترِض على أي سياسة نفذتموها فيه بالرغم من علمه بأنّ فأس تبعاتها لن يقع إلّا على رأسه العاري، وما كان له أن يصبُر عليكم لولا ظنه (الحسن) فيكم بأنّكم الجسر والمطية التي سيصل بهما للمدنية المُشتهاة، وواقع الحال يُحدِث بغير ذلك.