أي نوع من العُزلة قد تفرضها شركات الطيران علينا، بفعل سياسات الحكومة الاقتصادية المدهشة؟
أخبار كارثية تأتي إلينا يوماً بعد يوم، من سلطات الطيران المدني والمطار ووكالات السفر والجهات المختصة، إما بتخفيض بعض الخطوط لرحلاتها أو إلغائها، لتضعنا أمام خيارات محدودة تتمثل في استخدام البر والبحر للسفر، وبذلك نعود إلى عصور الجاهلية.
آلاف السودانيون الذين يسافرون إلى الأردن شهرياً – معظمهم بغرض العلاج – يسهمون في إدخال العملة الصعبة وتحريك عجلة الاقتصاد، ونشر السمعة العلاجية الجيدة عن الأردن ومستشفياتها وأطبائها، ومع ذلك، قررت الخطوط الملكية الأردنية تعليق رحلاتها إلى السودان بحسب ما أعلن أمس، الناطق الرسمي باسم المطار محمد المهدي.
قبل ست سنوات أعلنت خطوط “لوفتهانزا” الألمانية – وهي آخر شركة طيران أوروبية تسير رحلات مباشرة إلى السودان -.
عن تسيير آخر رحلاتها إلى الخرطوم بعد خدمة متصلة استمرت 51 عاماً.
وقتها أي في عام 2014، قال عمر عبد الماجد، نائب الأمين العام لغرفة النقل الجوي آنذاك، إن تلك الخطوة ستؤثر على قطاع الطيران، وإنهم غير مؤهلين لاستقبال “ضربة مثل هذه”.
ما كان يدري الرجل والذين أتوا بعده، أن السودان سيستقبل ضربات متتالية ومن شركات مختلفة ومن دول صديقة، ليس لفرض عقوبات عن السودان أو لتضييق الخناق عليه، إنما لأن الرحلات إلى السودان أصبحت فاشلة، غير مربحة، ولا تحقق عوائد سياسية أو اقتصادية رغم أن أعداد المسافرين في ازدياد إلى خارج السودان.
قبل أن تعلق الخطوط الأردنية رحلاتها إلى الخرطوم، خفضت شركة طيران الخليج رحلاتها إلى خمس بعد أن كانت سبع، ويُقال إنها أصبحت ثلاث.
الخطوط القطرية قلصت رحلاتها أيضاً إلى الخرطوم، وبعد ذلك اشترطت أن لا تباع تذاكرها في السودان، إنما في الخارج، لصعوبة تحصيل أرباحها وتحويلها إلى حسابها.
الكينية أيضاً، أعلنت أنها أوقفت بيع التذاكر بالجنيه السوداني، لتتوالى بعد ذلك بقية شركات الطيران التي ترى أن سوء الأوضاع الاقتصادية في السودان أثر عليها.
ما هو معلوم أن كثيراً من الرحلات التي تأتي إلى السودان، بقيت وقد تستمر لأسباب سياسية فقط، ولما تحمله من “تقدير” إلى الحكومة والشعب السوداني.
سياسات جامدة ومكتبية وتفتقر للحد الأدنى من الذكاء، وقد تتسبب في عزلة دولية للسودان؛ فبعد أن توقفت الشركات الأوروبية، قد تتوقف الإفريقية والخليجية، ليكون المصير إما تذاكر متعددة وغالية السعر حتى يصل المواطن السوداني إلى وجهته الخارجية، أو الاتجاه إلى البحر الأحمر للسفر.
يا لهم من مبدعين، من يمسكون بهذه الملفات!