> ومن عجب أن يكتب الأخ عووضة منتقداً حديثي عن الاقصاء الذي تمارسه قوى الحرية والتغيير وهي تصر على أن (تتوهط) على كل مستويات الحكم بما فيها البرلمان وتعزل جميع القوى السياسية غير المنضوية لتحالفها، متعللاً بحجة ان الانقاذ ظلت تمارس (التمكين) طوال فترة حكمها الأمر الذي يبرر لقوى الحرية والتغيير ان تفعل ما فعلته الانقاذ، وبالتالي لا يجوز لي ان انتقد قوى التغيير التي لم تفعل غير ما فعلت الانقاذ!
> عجبت لأمرين اولهما ان يعتبرني عووضة ناطقاً باسم الانقاذ بل ممسكاً بتلابيب قرارها ومتحكماً في سياساتها رغم علم الرجل بما عانيته من قهرها، سيما انه كان من كتاب صحيفتي السابقة (الصيحة) التي يعلم ما شنته من حرب على فساد بعض قيادات ومؤسسات الانقاذ وغير ذلك من الممارسات الخاطئة والظالمة وما عانته الصحيفة من (اقصاء) وحرمان من الإعلان الحكومي وتضييق على حريتها مما اثقلها بالديون حتى بعناها اضطراراً، بل يعلم ما حدث قبل ذلك لصحيفة (الإنتباهة) التي صودرت منا (حمرة عين) عقب أحداث سبتمبر 2013م التي اعتقل فيها بعض شباب منبر السلام العادل.
> كان عووضة شاهداً على كل ذلك لكنه تناساه بحثاً عن منطق يحاججني به!
> ثانياً: أعجب ان يتناسى مناصرو قوى الحرية والتغيير ان المفترض ان يكون الناس جميعاً متفقين على أن الثورة ما اندلعت الا على ممارسات استبدادية واقصائية ظالمة ينبغي ان تصحح لتحل محلها قيم وشعارات الحرية والسلام والعدالة التي ينبغي ان تبذل وتمنح لجميع المكونات السياسية دون تفرقة او اقصاء، حتى تنعم بلادنا وشعبنا كله بالحكم الديمقراطي الراشد. فهل بربكم يحق لقوى الحرية والتغيير، وقد ثارت على ما اتهمت به الانقاذ من استبداد وطغيان، ان تمارسه على الآخرين؟ وهل يجوز للمرء ان يأمر الناس بالبر وينسى نفسه؟ وما هو مبرر الثورة اصلاً اذا كانت ستتمخض عن ذات الممارسات الاقصائية التي ما انتفض الشعب الا من اجل تصحيحها؟!
> لم أنف دور تجمع المهنيين في تحويل الثورة المطلبية التي انطلقت في بعض ولايات السودان الى ثورة (سياسية)، فقد ذكرت ذلك مراراً، فنحن دعاة القوامة بالقسط والشهادة لله ولو على أنفسنا او الوالدين والاقربين، ولن يجرمنا بغضنا للشيوعيين على الا نعدل، لكن غرماءنا يجملون الباطل ويسكتون عن قول الحق، ولذلك لن يتحدثوا عن الاقصاء ولا عن اغلاق الشوارع والكباري بل ودور المواطنين بالمتاريس لارغامهم على ممارسة العصيان المدني رغم تشدقهم بشعارات الحرية الكذوب ولا عن (شخبطة) حيطان البيوت والمؤسسات رغم انف اهلها ولا عن التحرش بالناس في الشوارع والتظاهرات والاجتماعات، فكل ذلك يسكتون عنه ولا نتوقع منهم أن يتحلوا بالقيم التي ننادي بها فذلك امر بعيد ولكن!
> ولكن هل هذا كل ما اثار عجبي من اقوال عووضة ام انه اتى بما هو اكثر ايجاعاً وايلاماً؟!
> ما كنت اظن انني سأغضب من الاخ عووضة الذي كنت قد خطبت وده واخترته كاتباً في (الصيحة) رغم ما بيننا من خلافات فكرية، فقد كنا نتجادل ويحتمل كل منا الآخر، ولكن ان يتهكم عووضة من الجهاد والمجاهدين والشهداء الذين لم يفوجوا كالقطيع كما قال انما خرجوا بمحض ارادتهم جهاداً في سبيل الله ليحموا هذه البلاد من ان تطأها خيول المغول الجدد وتدوس على دينها وشريعتها.
> لم يكن خروج الطلاب والمجاهدين للجنوب (تفويجاً جماعياً) يا عووضة انما كان طوعياً واختيارياً، ولم يكن اولئك طلاب خدمة (الزامية) انما كانوا عشاقاً للشهادة غادروا جامعاتهم طوعاً واختياراً، وكان معز عبادي تفقأ عينه برصاصة غادرة فيعود الى الخرطوم مستشفياً، ثم يرجع مجاهداً بالعين الاخرى مرة وثانية وثالثة ورابعة الى ان يسقط مضرجاً بدماء الشهادة ويقول قبلها قولته المشهورة: (سندخل الجنة ان شاء الله بالجملة او بالقطاعي)، وكان (سكران الجنة) الذي فعل بدبابة العدو ما لم يسبقه عليه احد من العالمين، وكان د. عوض عمر السماني، اول الشهادة السودانية واستاذ الطب بجامعة الخرطوم، ود. محمود شريف اول الشهادة السودانية واستاذ الهندسة بجامعة الخرطوم ومدير هيئة الكهرباء، ود. محمد احمد عمر وزير الصناعة، وكان الآلاف غيرهم من الشهداء ممن قدموا ملاحم من البطولة والفداء لم يشهد السودان لها مثيلاً في تاريخه الطويل.
> قلناها مراراً إن قوى الحرية والتغيير نجحت في تحريك الشارع وفي الهاب حماس الشباب، بينما لم تستطع القوى الإسلامية ان تفعل ما فعلوا رغم مسيرات نصرة الشريعة الثلاث وغيرها في الخرطوم والولايات، لكن لا ينبغي لاحد ان يحتكر الثورة وشهداءها لنفسه او حزبه، فهي ثورة الشعب السوداني في كل مدن وولايات السودان، ولا ينبغي أن تمنح السلطة لقوى الحرية والتغيير دون غيرها من فئات وأحزاب ومكونات الشعب السوداني. وبالرغم من ترحيبنا بالاتفاق المبرم بين المجلس العسكري وقوى التغيير فإن لنا تحفظات عديدة نشرناها نحن في منبر السلام العادل في مؤتمر صحفي اقيم بوكالة السودان للانباء.
> ليت الأحزاب والقوى السياسية والحركات المسلحة جميعها تتحلى بروح التواضع والتوافق والتراضي حتى ننقذ بلادنا من مآلات التنازع والتدابر والاحتراب التي نخشى أن تورد شعبنا وبلادنا موارد الهلاك.