شهادتي لله
الهندي عزالدين
عفواً .. دكاترة جامعة الخرطوم
اطلعتُ قبل أيام على مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم للحل السياسي لأزمة البلاد الراهنة ، ووقع عليها )90( أستاذاً من أستاذ ممتاز .. إلى بروفيسور .. إلى دكتور .
أولى ملاحظاتي حول المبادرة أنها بعد المقدمة المستفيضة عن فشل السلطة في ملفات الحكم والاقتصاد ، دلفت مباشرة إلى مرحلة ما بعد سقوط النظام ، وشرعت في اقتراح هياكل الحكم ما بعد الثورة ، متجاهلة الإجابة عن السؤال المفصلي والمهم : كيف يمكن العبور إلى تلك المرحلة .. مرحلة السقوط الآمن للنظام ؟!
الملاحظة الثانية أن مبادرة الأساتذة العلماء الأجلاء بمختلف التخصصات ، مضت تقرر تشكيل مؤسسات الحكم دون أن تحدد ماهية الجهات التي تقوم بفعل التشكيل ، ومرجعيتها وشرعيتها ، ثورية كانت أم انتخابية ، بما في ذلك الانتخاب داخل كيانات وتنظيمات الثورة )تجمع المهنيين – مثلاً – قيادته وسكرتاريته غير منتخبة بل غير معلومة لغالبية الثوار في القطاعات المهنية( .
تقول المبادرة : الشروع في تشكيل مؤسسات الفترة الانتقالية … تكوين مجلس وزراء … تكوين مجلس سيادي من ممثلين للأقاليم الستة )ما يزالون في محطة الأقاليم الستة !!( .
مع احترامي وتقديري لجهد السادة الدكاترة ، ولا شك أن بينهم أساتذة في العلوم السياسية ، فإن مبادرتهم حوت جملة من الأفكار المبتورة ، بالونات معلقة في الهواء ، وأفعالاً مبنية للمجهول !!
الشروع في تكوين مؤسسات الفترة الانتقالية .. مَنْ يشرع في تكوينها ؟ بأية آلية ؟ بأية شرعية ؟ وكيف يتم تقسيم الوزارات على الأحزاب السياسية وقوى الثورة ؟ وكيف يتم اختيار ممثلي الأقاليم الستة .. عبر كلية انتخابية أم تختارهم سكرتارية تجمع المهنيين، وهي نفسها غير منتخبة بل تستند إلى شرعية الثورة لإسقاط )نظام الكيزان وبس( ؟!
قفزَ أساتذة جامعة الخرطوم على المراحل ، فوصلوا بمبادرتهم إلى بر الأمان المتوهم، حيث تنحى “البشير” ورحل النظام ، بكل هدوء ، وانسحب كل )الكيزان( من المشهد باستسلام تام .. مئات الآلاف أخلوا مواقعهم في كل مؤسسات الدولة والمجتمع ، بل أخلوا حتى مواقع سكنهم ولملموا )عفشهم( ، ليفسحوا للثوار المجال لتكوين مؤسسات الحكم الانتقالي !!
هو بالتأكيد محض خيال من أساتذة جامعة الخرطوم مع تقديري لدرجاتهم العلمية الرفيعة . فقد كان مأمولاً من العلماء في قلعة المعرفة والنور في بلادنا أن تقدم مبادرتهم مقترحات عملية لكيفية انتقال السلطة بسلاسة وسلام من حُكم )الإنقاذ( إلى مرحلة الانتقال ، عبر مؤسسات سياسية ودستورية متفق عليها بمشاركة )الجيش(.
غير أنهم أغفلوا المرحلة الأهم ، ومضوا إلى نقطة أبعد ، وهي الشروع في تشكيل مؤسسات مرحلة ما بعد السقوط مع استتباب الأمن !!
للأسف .. هذه المبادرة لا تليق بأساتذة جامعة الخرطوم .. ولا أي جامعة في السودان