ليس لجماعة الاسلام السياسي من رؤية واضحة وبرنامج محدد غير اللعب بالدين والتلاعب به واستغلاله لمآربهم الدنيوية الرخيصة، وكشفت الثلاثين عاما التي جثموا فيها على صدر البلاد فكتموها ونهبوها فافقروها، ان كل ما لديهم كان محض مشروع سلطوي ذرائعي تلبس شعارات الاسلام وتخفى خلفها، حتى ان بعضهم قال فى صحوة ضمير ان دين السودانيين وتدينهم أحسن بكثير من تدين القطاع الغالب من الحركة الاسلامية (وهو حديث منشور وموثق)، ومن بشاعة استغلالهم للدين انهم كانوا يستخدمونه كرتا لاستدرار عطف الناس من جهة ولتنفيرهم من خصومهم من جهة اخرى، ولهذا دأبوا على اتهام مخالفيهم في دينهم، ولعل ما مارسوه مؤخرا مع رئيس الوزراء حمدوك يكشف هذه الخسيسة المتأصلة فيهم، فمنذ ان تسامعوا عن زيارة حمدوك للسعودية بدأوا فى الهمس واللمز بأن حمدوك لن يؤدي العمرة رغم وجوده فى الديار المباركة، لم ينتظروا نهاية الزيارة ليروا ما اذا كان حمدوك سيؤدي العمرة أم لا، وكيف بمن اعماه الغرض والمرض ان يصبر لسويعات، فمن قبل فعلوا ذات الشئ مع الراحل الكبير نقد السكرتير السابق للحزب الشيوعي، بأن حاولوا بخسة انتزاع تصريح منه يعترف فيه بعدم الصلاة، ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻋﺎﻡ (2010) ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺷﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻘﺪ ﻟﻠﺮﺋﺎﺳﺔ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﺴﺤﺐ ﻻﺣﻘﺎ، ﻭﺑﺎﺳﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺷﺢ ﺍﺳﺘﻀﺎﻓﺘﻪ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻘﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻻﺳﺘﻌﺮﺍﺽ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻪ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﺘﺮﺻﺪ ﺍﻟﻤﺬﻳﻊ ﻭﺗﺮﺑﺼﻪ ﺑﺎﻟﺰﻋﻴﻢ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺳﺄﻟﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻋﻦ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻳﺆﺩﻱ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ، فما كان من نقد استخفافا واستنكارا منه للسؤال الفطير الا ان اجابه ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ، ليسارع بعدها تجار الدين للتبضع من الاجابة فأﻋﻠﻨﻮﺍ ﻋﺰﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺟﻨﺎﺋﻴﺔ ﺿﺪ ﻧﻘﺪ ﺗﺤﺖ ﺗﻬﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺮﺓ ﺑﺎﻟﻤﻌﺼﻴﺔ، ﺛﻢ ﻟﺘﻔﺮﺯ ﺍﻟﻤﺤﺼﻠﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﺍﻧﺘﻬﺎﺯﻳﺔ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﺣﺎﻭﻟﻮﺍ ﺍﺻﻄﻴﺎﺩ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﺇﻋﻼﻣﻴﺎ ﺃﻭ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﺩﺍﻧﺘﻪ ﺟﻨﺎﺋﻴﺎ ﺗﺤﺖ ﺗﻬﻤﺔ لا ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍني، وبالطبع لم يكن نقد في حاجة لاشهار صلاته في برنامج تلفزيوني، فقد شهد له بها إمام الأنصار الامام الصادق المهدي رحمه الله ومرشد الطريقة الختمية محمد عثمان الميرغني مد الله في عمره، اذ لم يتحرج هذان الزعيمان من تقديم نقد ليؤمهما في الصلاة إبان وجودهم جميعا في معتقل كوبر بعد انقلابهم المشؤوم عام 1989.. ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﻓﻲ صلاة نقد وعمرة حمدوك، ﺃﻥ سماسرة الدين وتجاره ﻫﺆﻻﺀ، هم آخر من يتحدث عن الدين أو يحاسب الآخرين على اخلاقهم، فهم اكبر منتهك لحرمات الدين واكبر من استباح ما يحرمه واكبر من ولغ فى الباطل، فهم الفاسدون الذين نهبوا اموال الشعب واكلوها بينهم بالباطل، وهم من قتلوا وسحلوا وعذبوا وشردوا ملايين الانفس، وهم من داس على ﻜﻞ ﻗﻴﻢ ﺍﻷﻣﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﻨﺰﺍﻫﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ ﻭﺍﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ، فقد تطاولوا وهم من كانوا حفاة وعراة ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﻭﺿﺤﺎﻫﺎ، وهم من اثروا واغتنوا ﺑﻴﻦ ﻏﻤﻀﺔ ﻋﻴﻦ ﻭﺍﻧﺘﺒﺎﻫﺘﻬﺎ، ﻓانتقلوا ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﺼﺎﺭﻭﺥ ﻣﻦ ﺧﺎﻧﺔ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﺪﻣﻴﻦ ﺳﻜﺎﻥ ﺑﻴﻮﺕ ﺍﻟﺠﺎﻟﻮﺹ ﻓﻲ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﻭﻫﻮﺍﻣﺸﻬﺎ، ﺇﻟﻰ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺨﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﺎﺣﺔ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺍﻟﻤﻄﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﺰﺑﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﭭﻠﻞ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﺪﻫﻮﻧﺔ ﺑﺎﻟﺴﺎﺩﻭﻟﻴﻦ ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﻭﻻﻙ ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﻭﻣﺎﺳﺘﻚ ﻭﺍﻟﻤﻜﺴﻮﺓ ﺑﺎﻟﺒﻮﺭﺳﻠﻴﻦ ﻭﺍﻟﺴﻴﺮﺍﻣﻴﻚ، ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺩﻭﻥ ﺟﻬﺪ ﻭﺍﺿﺢ ﺃﻭ ﻋﻄﺎﺀ ﻣﻌﺮﻭﻑ، ﻏﻴﺮ ﺟﻬﺪ ﺍﻟﻨﻬﺐ ﻭﺍﻟﺴﻠﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺮﻋﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﻭﻭﻟﻐﻮﺍ ﻓﺴﻜﻨﻮﺍ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻲ ﻭﺍﻣﺘﻄﻮﺍ ﺍﻟﻔﺎﺭﻫﺎﺕ ﻭﺗﺰﻭﺟﻮﺍ ﻣﺜﻨﻰ ﻭﺛﻼﺙ ﻭﺭﺑﺎﻉ، ﻓﻬل مثل هؤلاء مؤهلون ليأمروا الناس بالمعروف وهم الوالغون فى الباطل حتى المشاش، لولا البجاحة والجرأة على الحق.