صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

سلمية الثورة غير قابلة للمزايدة.!..

12

العصب السابع

شمائل النور

سلمية الثورة غير قابلة للمزايدة.!..

على نحو مفاجئ قرر المجلس العسكري الانتقالي تعليق التفاوض لمدة 72 ساعة هي الآن على وشك الانتهاء، وقبل أن يذيع رئيس المجلس بيانه عبر التلفزيون القومي سبقه ترويج واسع بما يشبه التنبيه أن بياناً مهماً سوف يذاع بعد قليل وارتفع سقف التوقعات بما في ذلك إعلان استقالة البرهان.
غير أن الذي اتضح أن المجلس أراد أن ينقلب على الاتفاق بينه وقوى الحرية فيما يبدو، أو أن ضغوطاً تعرَّض لها المجلس أو بعض قياداته من قبل النظام البائد الذي بدأ ينظم صفوفه للانقضاض على ثورة الشعب.
أياً كان.. فإن الأسباب التي ساقها رئيس المجلس؛ عبد الفتاح برهان لا ترتقي لأن تكون حجة لتعليق تفاوض حدث فيه اختراق بعد تلكؤ وتعثر كبير.
لكن إن أخطر وأكثر إيلاماً واستفزازا في حديث البرهان هو ما قاله بخصوص انتفاء الثورة، هذا الحديث المنافي للواقع يوجع أمهات الشهداء اللائي يعرفن قتلة أبنائهم ولا يستطعن أخذ حقهن.
سلمية الثورة التي شهد عليها كل العالم ليست محل مزايدة لأن فترة خمسة الأشهر التي حصدت فيها آلة النظام الأمنية أرواح اليافعين بلا رحمة، بل بلا سبب منطقي لهذا الموت العبثي، هذه الشهور كانت ولا تزال تشكل هذا الرصيد الضخم من كظم الغيظ وضبط النفس.
أو لم يرَ البرهان كيف انتاشت رصاصات البشير وقوش شباب الثورة مثل العصافير في الشوارع، أو لم يرَ كيف استباحت قوات قوش الحرمات وانتهكت خصوصية البيوت وعاثت فسادا حيّر العالم، أو لم يرَ رئيس المجلس كيف كان جهاز الأمن يضرب ويعذب ويغتصب ويتحرَّش، هل سمع البرهان بحادثة الطالب محجوب وهل سمع بحادثة المعلم أحمد.
كل هذا قوبل بضبط نفس عالٍ ينبغي أن يكون محل احترام على أقل تقدير.
لكن رئيس المجلس الذي بحديثه الأخير يُعرض المعتصمين لمزيد من الخطر.
الأولى للمجلس العسكري أن يسارع في تحقيق حول المجازر التي ارتكبت في داره.
كل شيء يمكن أن يقبل أو يتحفظ عليه إلا سلمية هذه الثورة، السلمية المؤلمة التي تجعلك تكف يدك وأنت قادر وتمسك لسانك وأنت قادر، لا لشيء إلا لالتزام تواثق عليه الجميع ممن يتطلعون للتغيير.
الحديث عن انتفاء سلمية الثورة بينما الشباب يتعرضون لمجزرة تلو الأخرى يستحق الاعتذار.. هؤلاء الشباب تحملوا من كظم الغيظ ما هو فوق طاقة البشر.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد