فشلت الحكومة الإنقلابية في ضم حركتي عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور اللتين لم يشملهما اتفاق السلام الموقع في جوبا وباءت محاولاتها بالفشل ، فالحكومة تعلم أن السلام الذي توصلت له مع قيادات الحركات المسلحة هو سلام كاذب وفي ذات الوقت تحاول اقناع الطرفين به ، بالرغم من ادراكها لعقلية وفكرة ورؤية الرجلين التي تختلف تماما عن عقلية قادة الحركات الذين وقعوا سلام جوبا لمصالحهم الشخصية والوصول الي المناصب والحصول على اكبر قدر من جمع المال والثروة
وظلت الحكومة ترسل إشاراتها المباشرة وغير المباشرة لدعوة الزعيمين واقناعهما بلحاق الركب ، لأن غيابهما شكل فراغا عريضا فالسلام الموقع مع زعماء الحركات ، وضح لأعين الناس انه سلاما مشوها ، لم يعمل على وقف معاناة أهل دارفور ولم تتوقف الحرب بعده ، وان اهم مافيه انه كشف الوجه الحقيقي لقادة الحركات المسلحة التي كانت تمارس ( الغش السياسي ) فهي تدرك ان لا مستقبل سياسي لها إن انهارت اتفاقية جوبا فهذه المرة لن تكون هناك مغادرة وحرب وعودة من جديد بعد ان سقط القناع فالمغادرة ان حدثت ستكون خروج بلا عودة من السياسة الي الأبد ، لهذا السبب تصل الحركات حد التهديد بالحرب ان خضعت اتفاقية السلام الي أي تعديل
ولأن الحكومة فشلت في اقناع عبد الواحد محمد نور ، لذلك لجأت الي أساليب اخرى وهي ممارسة الضغط على زعيم حركة تحرير السودان ضغطا دولياً واقليميا ليس لحرصها على اتمام عملية السلام المنقوص ، ولكنها لتشتري بورقة الضغط قبولاً دوليا وانتصارا شكلياً تحقق به مآربها الأخرى
وكشف زعيم حركة تحرير السودان عبد الواحد نور عن ضغوط دولية تمارس عليه لإلحاقه بالعملية السلمية قائلاً بأنه لن يتفاوض مع الخرطوم، كما أعلن نيته مغادرة جنوب السودان ، وقال نور في مقابلة مع سودان تربيون إنه يتعرض لضغوط من بعض البلدان لقبول السلام فيما هدد آخرون بقطع العلاقات معه وقيادة الحركة ويدفعونه للتفاوض مع الخرطوم مع الحكام العسكريين في السودان وتابع بقوله إذا كانوا يريدون السلام فلماذا يصعب عليهم معالجة الأسباب الجذرية للحرب في دارفور
وأعلن عبد الواحد عزمه مغادرة جنوب السودان وانه لن يتفاوض مع الحكومة ولم يحدد نور وجهته القادمة، لكن تكهنات تشير إلى أنه يرتب للعودة لمناطق سيطرة قواته في جبل مرة
في الوقت عينه اكّد رئيس الحركة الشعبية شمال إسماعيل خميس جلاب، أنّه لا توجد ترتيبات أمنية في مناطق الحركة الشعبية بالمنطقتين النيل الأزرق وجبال النوبة وأتهم مالك عقار بأنه باع اتفاقية السلام
فالذين وقعوا على اتفاقية السلام بالحُسنى لم يحققوا في مناطقهم إنجازا واحدا تستطيع الحكومة الاستناد عليه لتقنع به الآخرين لذلك تلجأ الي طريقة الإقناع ( بالقوة ) عبر ممارسة الضغوط الخارجية ليلحقوا بمركب السلام المثقوب فهي لاتريد ان تغرق وحدها
فالغباء الانقلابي المركب الذي جعل قادته يفشلون في امتحان السياسة ، هو علمهم بأنهم فاشلون في عملية الحصول على درجات تؤهلهم الي القبول ، وفي ذات الوقت يريدون ان يكونوا ناجحون ومميزون ويطالبون غيرهم بالإقتداء بهم
فحكومة اذاقت شعبها المُر ، وفشلت اداريا واقتصاديا وامنيا وتعاني الحركات الموقعه على السلام معها إفلاسا فكريا وسياسيا ، لانها مازالت لاتعرف إلا منطق السلاح، وهي تعلم ان إتفاقية سلام جوبا لم تحقق نتائجا ايجابية على الأرض و مايعانيه اهل دارفور من واقع مرير بعد السلام ، فماهو الشي المحفز الذي يجعل عبد الواحد نور يقبل باتفاقية السلام إن لم تكن حقا الحكومة تعاني من غباء سياسي حاد !!