رافقنني خلال رحلتي اليومية ..اربعة نسوة ..توقفت لهن عند بداية الشارع وكن في انتظار حافلة المواصلات التي لم يظهر لها اثر ..بعد الدعوات المحببة من شاكلة (تشيلك عافيتك ) ..و (ربنا يفتحها عليك ) ..و بعد السؤال عن الوجهة النهائية بعد قطع الكبري ..رن هاتف احداهن ..ردت في البداية بهدوء ..ومن ثم علا صوتها تدريجيا وهي تصرخ (اسمعي هسع دا ..تلمي هديماتك وتسوقي الشفع وطوالي على بيت أبوي ..هو قايل نفسه شنو ؟ السنيح المنيح ..الوحيد المشيحيد ..قايلك زيو ؟ لا اخو لا اخت ؟ قولي ليهو والله وبالله اخواني يسدو عين الشمس ..ما عايزين منك التكتح ..هو يا يمة شن عنده ..) ومن ثم أعقبتها باصدار صوت من فمها (بسسسست) ..(مخير الله غايتو). ..
اغلقت الهاتف ..وتلقفتها مجموعة اصدقاء السودان ..اقصد نسوة الكنبة الورا …(دي منو دي يختي ؟ )
هي (اختي ..تخيلوا الراجل ..بعد العمر دا ..قوم امشي عرس ..وكمان سافر شهر العسل مع المرا الجديدة ..وهي المسكينة قاعدة في البيت تبكي ..لما جاها السكري ..قلت ليها بس تخلي ليهو بيتو وتمرق تمشي بيت ناس أبوي ..عشان يعرف انو عندها ضهر ..والله اخر الزمن )
ايدتها احداهن (عليك الله شوف القهر دا ..النبي زمان قال (اعوذ بالله من غلبة الدين وقهر الرجال)…رددن جميعهن (عليه الصلاة والسلام ) ..
قالت الاخرى (ليه تسوق الاولاد ؟ ..الاولاد تخليهم ليهو في البيت ..تمشي بيت ابوها براها .زي ما جات براها)….(هي كيفن يا بنات امي تخلي الجنيات الصغار ؟ قلبها كيفن يقبل؟ ) ..لا وهو كمان ما خلاهم ومشى .. وو واحتدم النقاش .. فجأة احسست انني اقل معي مجلس حربي .او برلمان مصغر ..فكرت ان ادلي بدلوي ..حسب معرفتي القليلة في هذا الامر ..وجهت اليها الحديث (معليش عايزة أسألك ..ليه نصحت اختك تطلع من بيتها ؟ …اصلا لا الشرع ولا القانون بقول ليها تطلع من بيتها ..مافي اي سبب يخليها تطلع من بيتها وتتجهجه مع العيال..هو قال ليها اطلعي ولا شنو ؟ ) ..هزت كتفيها وقالت (النصيحة ما قال ليها اطلعي ..لكن هي ما قادرة تطيق الضر ..قالت عايزة تتطلق )..
(طيب ودا دخلوا شنو بي قعاد البيت ؟ ..البيت هي قاعدة فيهو ..معاها عيالها …عايز يتزوج ..بخيت وسعيد عليهو ..يمش يعمل بيت تاني للزوجة الجديدة ..اختك استخارت وفكرت وقررت تفارق وتتطلق ..برضو هي قاعدة في البيت ..وكل يوم يجيب ليهم الخضار واللحمة ..والأولاد العيان يجي يوديهو الدكتور ..مجلس الآباء يمشي يحضر ..احتفال المدرسة يمشي مع ولده ..مافي شئ اسمو الواحدة اتطلقت تقوم تشيل المسؤولية براها ..وتتنازل عن حقوقها ..انت ما ام الاولاد ديل بس ..انت اديتيهو عمر وشباب ..حاجات ما ليها تمن )..هتفت احداهن من الخلف (هي دا كلام شنو ؟ نحن الواحدة فينا تزعل ..طوالي تجري بيت ابوها ..وهم ذاتهم بخلوك ؟ يجوا يساعدوك تلمي العدة ) ..قلت لها (ما هي دي المشكلة ..نحن العرف والتقاليد عندنا بيضيعوا كتير من الحقوق ..ابوك واخوانك ذنبهم شنو يشيلوا مسؤولية اولاد الزول دا ؟ ..مسؤولية الاولاد ..والبيت المفروض يكون بيتهم تبع الرجل ..اتزوج ..سافر ..قعد ..حتى بعد الموت بعد عمر طويل ..الاولاد قاعدين في بيتهم وامهم كمان ..شنو الواحدة تزعل تقوم تخلي البيت …وسعادته يلقاها فرصة يرمي ليهو كم جنيه في الشهر ..ويقول ليك دا اختيارها )..ايدتني اخرى ..(والله صحي ..ربنا قال ولا تخرجوهن من بيوتهن ..نحن البمرقنا شنو ؟ تاني مافي واحدة تطلع من البيت ..اتطلقت ولا قعدت ..)…يا اصحاب الرأي والقانون ..هل ما ذهبت اليه صحيح ؟ ولو كان صحيحا لماذا لا يحدث تنوير كاف في هذا الامر ؟ ..ولماذا تظل النساء دائما في حيرة من امرهن ولا يعرفن الا القليل عن هذه الاشياء ؟؟ ..صديقتنا صاحبة القضية ترجلت من السيارة ..قبل ان اكتمال النقاش والخروج بتوصيات وربما اصدار قوانين ملزمة للطرفين ..لكن الطريف ان هناك اغنية من الاذاعة رافقتنا طوال الرحلة وكانت بمثابة الخلفية المناسبة للنقاش ..وهي (لو عايز تسيبنا جرب وانت سيبنا ) ..