صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ذات الصليب !!..

13

بالمنطق

صلاح الدين عووضة

ذات الصليب !!..

> زميلنا (وهبة) عشق قبطيةً جميلة..بالمنطق > زميلنا (وهبة) عشق قبطيةً جميلة..> كان ذلك ببلدة تتبتل عند محراب النيل ؛ حيث ترسو الجواري في البحر كالأعلام..> كان حباً من طرف واحد… يكتفي هو منه بالنظرات..> نظرات والهة يصوبها نحوها حين تلج الكنيسة أيام الآحاد… وحين تخرج منها..> وحبه هذا ما كان ليعنينا في شيء لو أنه تركنا في حالنا.. > فهو كان يلح علينا – بلزوجة سمجة – أن نرافقه إلى الكنيسة، صباح كل أحد..> ثم نبقى لدى بابها حتى تنسرب منه فتاته… تتهادى.. > تتهادى نحو عربة أهلها (الجيب)… والصليب يتأرجح على نحرها العاجي..> ومرت (آحاد)… حتى بلغ هيام وهبة من العمر حولاً..> ومن بين غيوم السنوات التي تراكمت – كثيفاً – على الذاكرة ألمح وقائع متفرقة..> وقائع قد تعين على فهم ما حدث لصديقنا بعد ذاك..> فها نحن نصعد-ذات نهار- الدرج المؤدي إلى دهليز الكنيسة الحجرية العتيقة..> نفعل ذلك رضوخاً لرغبة وهبة المشفوعة بالدموع..> فقد أراد أن يستنشق عبق المكان الذي (يحتوي) محبوبته كل أحد، هكذا قال..> وأن يستشعر وجودها بقاعة القداس ذات المقاعد الخشبية..> ثم ها نحن نسير بحذر بين أبواب مغلقة صغيرة على جانبي الدهليز الرطب..> والصمت المطبق له طنين (يدوي) في الأذن..> ويفضي الدهليز إلى بهو واسع… بارد… معتم… نحس إزاءه برهبة غامضة..> رهبة كادت أن تدفعنا إلى التراجع… لولا أن تماسكنا..> وصرير (مرعب) يُفجِّر سكون المكان لتلفظ العتمة أمامنا قسيساً وضيء الوجه.. > وبعد قليل أخذ ورد أفصح أنا-بتهور- عن أسباب الزيارة..> فيكاد عاشق ماجدة أن يقع مغشياً عليه… أو لعله فعل..> ثم أُبصرُ القسيس الباسم يقود وهبة – بحنوٍّ – نحو الباب ذي الصرير المخيف..> وبعد (حول) من الزمان يخرج وهو زائغ النظرات..> ولا أدري ماذا قال له القسيس… وبماذا رد هو… وعماذا دار النقاش بينهما أصلاً..> ربما شجعه، بحسبان أن الحب لا يأبه لحواجز الدين… والعرق..> وربما ذكره بصغر عمره… حيث كان لا يزال طالباً..> وربما حكى له حكاية حبٍ تخصه هو نفسه… دفعته نتائجها إلى أن يضحى مترهباً.. > ويزداد هنا ثقل ضباب الأعوام على الذاكرة..> كل الذي أذكره الآن أننا لم نعد نذهب إلى الكنيسة-جوار السوق- صباح كل أحد..> وإن كنا نراها كل يوم… بما إنها تقع في شارع مدرستنا.. > ولم أر ماجدة مرة أخرى إلا أمسية حفل زفاف جارتنا ماجدة..> وكانت قبطية مثلها… وصديقة لها… ووالدها يشارك الصائمين إفطارهم في رمضان..> فالتعايش الديني في بلادنا قل أن تجد له نظيراً من حولنا..> كان ذلك بعد سنوات عديدة من يوم اقتحامنا الكنيسة..> لم أعد أدري ما حل بوهبة بعد أن نُقل والده لمدينة لا تدوي في أجوائها الصافرات..> وقبل فترة صادفت رفيقاً من رفاق تلكم الأيام..> وأخبرني أن وهبة… وزوجته ماجدة… وأبناءهما…عادوا – نهائياً – من الاغتراب..> ولم أسأله عمن تكون ماجدة هذي بما أن خيالي قد أجاب.. > فالواقع حين يكون جميلاً لا يصح أن نضن عليه بخيال يتماهى معه جمالاً..> ودوت في الذاكرة رنّة ناقوس لها صليل..> وأعقبتها صافرةٌ مجلجلة..> ذات (ارتواء).

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد