صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

خطبة الجمعة

16

———-

ساخر سبيل _ الفاتح جبرا

خطبة الجمعة 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

عباد الله:

إن الكَثِيرُ مِن شَبَابِنَا ورِجَالِنَا يَتَساءَلُون فِي وَسَطِ هذِهِ الأزمَةِ، وهذا الابتِلاءِ وفِي وَسَطِ هذا الظَّرفِ العَصِيبِ والحالة الحرجة التي تمر بِهِا بلادنا َالحَبيبُة، حَيثُ تتزايد الضغوط الحياتية وتكثر في الأفق الحروب القبلية ويتنازع البعض على كراسي الحكم

مَا هوَ الوَاجِبُ عليَّ تُجَاهَ هذا البَلَدِ وأهلِهِ؟ كل منا يُلقِي العِبءَ والمَسؤوليَّةَ على غَيرِهِ، ويَتَنَصَّلُ مِنهَا مُحتَجَّاً بأنَّ ما يَجرِي إنَّمَا هوَ بِسَبَبِ مُقَارَفَةِ الأُمَّةِ الذُّنُوبَ، وهذا صَحِيحٌ لأنَّ الله تعالى يقولُ: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون﴾. ولكن هذا لا يُخَلِّصُهُ منَ المَسؤوليَّةِ ولا يُعفيهِ، قال تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَاب﴾.

عِبادَ الله :

إن البَلاءُ صارَ عامَّاً شَمِلَ الصَّالِحَ والطَّالِحَ، والقَويَّ والضَّعيفَ، والصغير والكبير َ، الكُلُّ يَعاني ، والكُلُّ يَتَطَلَّعُ إلى الفَرَجِ وإلى كَشفِ الغُمَّةِ.

يا عِبادَ الله، إذا كُنَّا صَادِقِينَ في طَلَبِ كَشفِ الغُمَّةِ ورَفعِ البَلاءِ عن هذا البَلَدِ وأهلِهِ، عَلينَا أن نَعلَمَ بأنَّ صَنَائِعَ المَعرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وأنَّ الإحسانَ والبِرَّ إلى خَلقِ اللهِ تعالى يَكُونُ سَبَبَاً لِكَشفِ البَلاءِ والغُمَّةِ ولِقَضَاءِ الحَوائِجِ، وهذا ما أكَّدَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بأحادِيثِهِ الشَّرِيفَةِ.

يا أيَّها الناس يَا مَن تَتَطَلَّعُون لِكَشفِ الغُمَّةِ ارجِعِوا إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لأنَّ العِلاجَ لِدَائِنَا من عِندِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ِ، لَن نَجِدَ حَلَّاً لأَزمَتِنَا عندَ شَرقٍ ولا غَربٍ لا وربِّ الكَعبَةِ، بَل عِندَ الحبيبِ الأعظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

يا عِبادَ الله، فَهَل تَسمَعُ الأُمَّةُ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِن أجلِ كَشفِ الغُمَّةِ وهيَ تَتَذَكَّرُ قولَ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون﴾.

روى الإمام الحاكم عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «صَنَائِعُ المعروفِ إلى النَّاسِ تَقِي صَاحِبَها مَصَارِعَ السُّوءِ، والآفاتِ، والهَلَكَاتِ، وأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا، هُم أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ» وفي رواية ثانية للطبراني في الأوسَطِ عن أمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالَت: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَالصَّدَقَةُ خُفيَا تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ زِيادَةٌ فِي الْعُمُرِ، وكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وأَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ، وأَهْلُ المُنكَرِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ المُنكَرِ فِي الآخِرَةِ ، وأوَّلُ مَن يَدخُلُ الجَنَّةَ أهلُ المَعروفِ».

عِبادَ الله:

 إذا أردنَا أن نَعرِفَ أنَّ صَنَائِعَ المَعرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُوءِ، فلنَرجِع إلى سِيرَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عندَما رَجَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من غارِ حِراءٍ، تَرتَعِدُ فَرائِصُهُ، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لأُمِّنا السَّيِّدَةِ خَديجَةَ الكُبرى رَضِيَ اللهُ عنها: «قَد خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي».

فماذا قالَت لهُ السَّيِّدَةُ الجَليلَةُ رَضِيَ اللهُ عنها؟

قالَت لهُ: كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَالله لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَداً، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. رواه الشيخان عن عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها.

لقد استَدَلَّت على ذلكَ رَضِيَ اللهُ عنهَا بِمَحاسِنِ أفعالِهِ، وصَنائِعِ مَعروفِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على ما قَالت لهُ، لأنَّها تَعلَمُ بأنَّ مَحاسِنَ الأفعالِ دَليلٌ على حُسنِ العَواقِبِ، وكَرَمَ البِدايَةِ دَليلٌ على جَلالَةِ النِّهايَةِ، والبِدَاياتُ تَدُلُّ على النِّهَايَاتِ، اللَّهُمَّ وَفِّقنا لِصَنائِعِ المَعروفِ التي تُرضيكَ عنَّا. آمين، أقولُ هَذا القَولَ، وأَستَغفِرُ اللهَ لِي ولَكُم، فَاستَغفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد