تأتي زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الي السودان والتي تعتبر واحدة من الزيارات القليلة جدا والمتباعدة لرؤساء مصر وكبار المسئولين فيها على عكس زيارات المسئولين السودانين الي القاهرة ، تأتي الزيارة لتؤكد رغبة الجانب المصري في التقارب المصري السوداني في ظل أزمة ملف سد النهضة ذلك التقارب الذي يعود الي توتر الاوضاع على الحدود السودانية الإثيوبية ، ونشوب معارك بين وقت وآخر فالمتابع يعلم ان الخرطوم كانت تتخذ وتحتفظ بموقفها الخاص بعيدا عن القاهرة ، ومعلوم ان القاهرة تتصاعد مخاوفها إثر استمرار فشل مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، وحاول الرئيس عبدالفتاح السيسي بث الطمأنينة أكثر من مرة وسط المصريين عندما قال (إن المفاوضات تحتاج إلى سياسة ) .
واتفق رئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مباحثات بالقصر الجمهوري امس على أن المرحلة الدقيقة الحالية التي يمر بها ملف سد النهضة تتطلب أعلى درجات التنسيق بين مصر والسودان بوصفهما دولتي المصب اللتين ستتأثران بشكل مباشر بهذا السد ، وشدد السيسي والبرهان ، على رفض أي إجراءات أحادية تهدف لفرض الأمر الواقع والاستئثار بموارد النيل الأزرق، ومن ثم تعزيز الجهود الثنائية والإقليمية والدولية للتوصل لاتفاق شامل ومتكامل حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة يكون ملزماً قانونياً ويحقق مصالح الدول الثلاث، ويحد من أضرار وآثار سد النهضة على مصر والسودان، خاصةً من خلال دعم المقترح السوداني لتشكيل رباعية دولية تشمل رئاسة الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للتوسط في هذا الملف.
وسبقت زيارة الرئيس المصري وصول رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق محمد فريد، الذي جاء إلى الخرطوم الاثنين الماضي على رأس وفد عسكري رفيع المستوى إلى السودان لعقد اجتماع رفيع ووقع رئيسا الأركان المصري والسوداني اتفاقية عسكرية لتعزيز الأمن الإقليمي والتعاون الأمني بين الدولتين، وذلك خلال الاجتماع السابع للجنة العسكرية المصرية السودانية المشتركة بالخرطوم.
هذا من الجانب السياسي والعسكري ولكن يعتبر ملف العلاقات التجارية واحدا من الملفات الحساسة، التي تحتاج قراءة وبحث ، وضرورة إعادة النظر في البروتوكولات التجارية بين البلدين، لأن هناك كثير من المشكلات المتعلقة بهذا الملف الكبير الذي له تأثير كبير على الاقتصاد السوداني ، لذلك غض الطرف عنه فيه كثير من التهاون والتساهل السلبي الذي يقع ضرره على السودان أكثر من مصر لذلك لابد من خلق نوع من التوازن على أهمية العمل على تعزيز التبادلات التجارية بين مصر والسودان، مما لا يجعل كفة مصالح طرف ترجح على الطرف الآخر.
وكنت اتمنى ان القمة التي جمعت البرهان والسيسي ان لاتغض الطرف عن ملف حلايب وشلاتين، فالبرهان وجيشه اقسموا على ان لا تفريط في شبر من الاراضي السودانية هذا القسم الذي لايستثنى هاتين المنطقتين ليبقى الوفاء بالعهد فيه حصريا على الفشقة ، فما نريده علاقات ممتازه مع دول الجوار ، لكن المبادئ لاتتجزأ فكرامتنا وعزتنا ان تعود جميع اراضينا الي حضن الوطن.
والغريب ان السيسي بجانب ملف سد النهضة، سيناقش الازمة الحدودية بين السودان وإثيوبيا، وهو يعلم ان هذه الازمة لم تنشب إلا بالتعدي على الاراضي السودانية ذات (الجريمة) التي ارتكبتها إثيوبيا، ارتكبتها مصر … ولكن !!!
طيف أخير :
المواقف هي خريف العلاقات، يتساقط منها المزيفون كأوراق الشجر.