لم يعرف عن صالح محمود القيادي البارز في الحزب الشيوعي تحيزاً عرقياً لقبيلته في دارفور رغم أهمية القبيلة في المجتمع السوداني عامة ودارفور بصفة خاصة .
تعرفت على الأخ صالح محمود منذ أكثر من ربع قرن من الزمان، شخصية وفاقية مرنة كريم وشهم تجده في مجتمع دارفور بصفة خاصة متواصلاً مع الجميع لا يفصله عن الآخر انتماء فكري أو سياسي، تجده محاوراً في منتدى اللواء صافي النور الذي يضم كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والقبلي ويمضي المساء في دار حزبه الشيوعي، وتجمعه في صباح اليوم التالي بالإسلاميين صلات الرحم والقربى فشقيقه الأمين محمود من قيادات المؤتمر الشعبي، ومما يرويه الأخ صالح محمود عن طرائف الانتخابات وعجائبها أنه ترشح في انتخابات ١٩٨٦ في دائرة جبل مرة عن الحزب الشيوعي، وترشح شقيقه الأمين عن الجبهة الإسلامية القومية، وكان والدهم فقيهاً وخطيباً في المساجد، وتحدث لأهله وعشيرته حاثاً إياهم على المشاركة في الانتخابات. واختار شيخ محمود الوقوف على مسافة واحدة على الأقل من أبنائه المرشحين، وخطب في صلاة الجمعة بزالنجي، وطلب من الناخبين الذين يريدون الشريعة وكلام الله قال والرسول قال التصويت لابنه الأمين محمودن والذين يريدون غير ذلك طبعا ً يقصد البهجة والسرور التصويت لابنه صالح، ولكن صالح بطريقته الجميلة وأسلوبه الجاذب، قال لوالده أبي ما كنت عادلاً بيننا فأنا أيضًا من دعاة الله قال والرسول قال وضحك الجميع .
وصالح محمود نفسه ما كان عادلاُ وهو يتحدث عن حركات دارفور الموقعة على اتفاق أو تفاهمات أديس أبابا بين مكونات قوى الحرية والتغيير المعروفة (بقحت)، وبالتالي هو نفسه من ( القحاحة)، ويصف حركتي العدل والمساواة وحركة تحرير السودان بأن تمثيلهما يختزل تمثيل دارفور في قبيلة الزغاوة وحدها، وكان صالح محمود بكل وعيه وثقافته يريد السير في ركب العامة الذين هم ضحايا لجهلهم بوصف حركة قومية مثل العدل والمساواة بأنها تمثل الزغاوة لمجرد أن مؤسسها عليه الرحمة ينتمي لهذه القبيلة العظيمة ذات الشوكة والأثر والتضحيات الكبيرة من أجل التغيير، وهي حركة احتجاج ضمت كل ألوان الطيف الاجتماعي والقبلي في السودان أن تساقط عنها بعض الأوراق بفعل الرياح والصيف والجفاف، فالأصل باقٍ، ولم تدّع حركة العدل والمساواة يوماً أنها تمثل الزغاوة، ولو فعلت ذلك لانفض منها الرجال كانفضاض الشيوعيين العراقيين من دولة البعث العربي الاشتراكي، وكانفضاض البعض من الموتمر الوطني بعد ذهاب البشير إلى السجن حبيساً من غير إرادته.
أما حركة تحرير السودان برئاسة مناوي فهي ثمرة لانشقاق مناوي وعبد الواحد، فهل يمثل عبد الواحد قبيلة الفور التي ينتمي إليها صالح محمود نفسه .
محاولة تقزيم الحركات المسلحة واعتبارها مجرد واجهات تتخفى من ورائها القبائل هو عين التشخيص والتشريح الأمني والعسكري الخاطئ الذي اعتمدته الإنقاذ لفهم ما يجري في دارفور من صراع حول الموارد تطور الى صراع سياسي بين المركز والهامش، وأي رؤية لا تأخذ بأبعاد الصراع الحقيقي ومآلاته والنظر لهذه الحركات التي لها قضية تستحق النظر إليها بموضوعية من شأن ذلك إطالة أمد النزاع.
نعم الحزب الشيوعي مركزي في توجهاته وأمثال صالح محمود لا يملكون حق التعبير عن ذاتيتهم بعيداً عن مواقف وثوابت الحزب المركزية، لذلك أخي صالح (الكلام الذي قيل ما كلامك ).
لكن تذكر ماذا قالت الميرم للسلطان علي دينار حينما وصلت جحافل الغزاة إلى وادي سيلي بالقرب من فاشر السلطان !!!